وهذا حق، ولكن الله ابتلى هذه الأمة بأنْ أمرها بتعلّم الكتاب والسنة وتعليمهما وتطبيقهما في واقع الأرض ودعوة البشرية للاسلام وجعل لذلك طريقاً محدداً يميّز بين الحق والباطل، من اتبعه في فهم هذه الشريعة نجى ومن حاد عنه هلك، يمثل هذا الطريق قوله - عليه الصلاة والسلام - في وصف الفرقة الناجية: "ما أنا عليه وأصحابي" وقد تحدث عنه الشاطبي وأبرزه في الاعتصام تحت عنوان: "الباب العاشر في بيان معنى الصراط المستقيم الذي انحرفت عنه سبل أهل الابتداع فضلت عن الهدى بعد البيان" ٢/ ٢٩٠ - فمن سلك طريق الصحابة في الفهم نجى، ومن خالف عن طريقهم هلك، ونسأل الله السلامة، وسيأتي في هذه الرسالة إن شاء الله توضيح لمعالم منهج الاستدلال عندهم مع كشف مسالك النظر المخالفة لعل الله أن يلحقنا بصحابة نبيه - صلى الله عليه وسلم - غير مبدّلين ولا مغيرين. فإن ذلك علامة الصدق في الدين، "ولا يصلح آخر هذه الأمة إلّا بما صلح به أولها".