للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

غير التفات إلى الأصول كانت أو لم تكن" مخالف للإِجماع المنقول عنهم، إذ كيف يذم الرأي من لا يلتفت إلى الأصول كانت أو لم تكن ويتبع "وجوه الرأي" على حد قول المؤلف.

وبسبب اتباعه هذا الوهم المخالف للإجماع أخذ يطلق المصلحة من ضوابطها، ويحاول الاستدلال بها دون أن يقيدها بكونها مصلحة شرعية لا تعارض مقصود الشارع، ومقصوده يعرف من النص أو الإِجماع.

وبسبب هذا الوهم أيضاً نجد عباراته مضطربة فبينما هو ساع في تقرير مسلكه - الذي ليس له فيه ولي إلّا الطوفي (١) - تجده يضطرب أمام سيل الحقائق العلمية التي تثبت أن المصلحة المعارضة للنص مردودة وملغاة وأن ذلك هو منهج الصحابة والأئمة (٢).

ومن المواضع التي اضطرب فيها: قوله: " ... إن المصالح التي عمل السلف بها في مقابلة النصوص لم تبلغ رتبة الضرورة، وأن العمل بالمصلحة في مقابلة النص ليس تركاً للنص بالرأي في الواقع، وإنما ترك للنص بالنص بل بالنصوص الكثيرة .. " (٣) فهو هنا يقرر أن السلف لم يقدموا المصلحة على النص، وأنهم إنما اعتبروا المصلحة التي شهدت لها نصوص كثيرة، فالمقابلة ليست بين مصلحة مجردة ونص بل بين مجموعة نصوص ونص، ويستوي أن يكون هذا رأياً للمؤلف، أو نقلًا عن السلف فإنه قد أقره كما هو ظاهر كلامه، ويحاول أن يجمع بين مذهب الصحابة ومذهب التابعين، فيقول: " ... وبعد: فتلك طريقة هؤلاء الفقهاء السابقين في التعليل، وهم فيها لم يخرجوا عن طريقة


(١) أشرت إلى فساد عقيدته وفساد رأيه الذي قدم به المصلحة على النص. انظر ما سبق ص ٤١٣.
(٢) انظر رسالة أستاذي "نظرية المصلحة" من أولها إلى آخرها تجد فيها ما يثبت ذلك، وكذلك ضوابط المصلحة.
(٣) تعليل الأحكام ٣٠٢.

<<  <   >  >>