وهو اختيار ابن كثير كما نقله عن ابن عباس قال:"اليوم أكملت لكم دينكم" وهو الإِسلام أخبر الله نبيه - صلى الله عليه وسلم - والمؤمنين أنه قد أكمل لهم الإِيمان فلا يحتاجون إلى زيادة أبداً، وقد أتمه الله فلا ينقصه أبداً وقد رضيه الله فلا يسخطه أبداً" (١).
وقد فصل الأستاذ سيد قطب هذا المعنى فقال: "أكمل الله هذا الدين فما عادت فيه زيادة لمستزيد وأتم نعمته الكبرى على المؤمنين بهذا المنهج الكامل الشامل، ورضي لهم "الإِسلام" ديناً فمن لا يرتضيه منهجاً لحياته إذن فإنما يرفض ما ارتضاه الله للمؤمنين ...
إن المؤمن يقف أولًا: أمام إكمال هذا الدين يستعرض موكب الإِيمان وموكب الرسالات، وموكب الرسل منذ فجر البشرية ومنذ أول رسول - آدم - عليه السلام - إلى هذه الرسالة الأخيرة، رسالة النبي الأمي إلى البشر أجمعين ... فماذا يرى؟ .. يرى هذا الموكب المتطاول المتواصل، موكب الهدى والنور ويرى معالم الطريق على طول الطريق ولكنه يجد كل رسول - قبل خاتم النبيين - إنما أرسل لقومه، ويرى كل رسالة - قبل الرسالة الأخيرة - إنما جاءت لمرحلة من الزمان .. رسالة خاصة لمجموعة خاصة في بيئة خاصة .. ومن ثم كانت كل تلك الرسالات محكومة بظروفها هذه متكيفة بهذه الظروف .. كلها تدعوا إلى إله واحد -فهذا هو التوحيد- وكلها تدعوا إلى التلقي عن هذا الإِله الواحد والطاعة لهذا الإله الواحد - فهذا هو الإِسلام - ولكن لكل منها شريعة للحياة الواقعية تناسب حالة الجماعة وحالة البيئة وحالة الزمان والظروف ...
حتى إذا أراد الله أن يختم رسالاته إلى البشر أرسل إلى الناس كافة رسولًا خاتم النبيين برسالة "للإِنسان" لا لمجموعة من الأناسي في بيئة خاصة في زمان خاص في ظروف خاصة .. رسالة تخاطب الإِنسان من وراء الظروف والبيئات والأزمنة لأنها تخاطب فطرة الإِنسان التي لا تتبدل ولا تتحور ولا ينالها التغير: