التأثير، وكان أكبر تأثيره منصباً على "الشريعة الإسلامية" من حيث ثباتها وشمولها وحاكميتها رغبة في انتشار عقيدة أهل التبديل وهي "ابتغاء غير الله حكماً" وترك العبودية له، ورد أمره عليه، والإعراض عن متابعة رسوله محمد - صلى الله عليه وسلم -، والتشكيك في صفات الشريعة، والعقل الأوروبي اليوناني يقدم السند لهذا الكفر والإلحاد، والغزو الفكري والاستشراق يصدره إلى حيث يستطيع ويربي لحمله المفكرين والباحثين.
وقد اتخذ لهذا طرقاً كثيرة للتأثير على العالم الإسلامي منها:
١ - جعل النهضة الصناعية الأوروبية سبباً لتغيير المفاهيم الدينية والإعراض عن الشريعة الخاتمة التي أرسل بها آخر الرسل نبينا محمد عليه الصلاة والسلام وفي ذات الوقت جعلوا من التطور المادي الرهيب الذي تعيشه هذه البشرية سبباً في التشكيك في شمول الشريعة إذْ كيف تحكم هذه الشريعة الثابتة هذه الأحوال المتطورة المتشعبة التي لا تنقطع حوادثها والتي تمثل تطوراً مادياً لم تشهد البشرية مثله من قبل، فكان لا بد من دراسة كيفية تحقق الشمول وأن ذلك هو مهمة الاجتهاد الذي لا ينقطع ما دام أن هذه الأمة قائمة برسالتها في هذه الأرض، وأن طرقه كفيلة بتحقيق ذلك الشمول، فقد أنزل الله هذه "الشريعة" شاملة، وكان منهج الاستدلال فيها على حال يحقق هذا الشمول في واقع البشرية وما يزال، وهذا البيان مستمر مع جميع موضوعات البحث كل موضع بما يناسبه.
٢ - إخضاع الدين والأخلاق والقيم لحكم العقل باعتبار أنه شب عن الطوق فلم يعد يحتاج إلى الله، وتقديم إنتاج المادية الأوروبية شاهداً على قدرات العقل البشري غير المحدودة والالتزام بالمنهج المادي الصرف الذي لا يؤمن بالغيب ولا بالرسول ولا بالوحي، ويقف بالبشرية عند حد الإيمان بالمحسوس.
٣ - ربط الشريعة بالجيل الذي كان موجوداً حين نزولها، وجعل مفاهيمها وقيمها وأحكامها حكراً على بيئة معينة، وإخضاعها للتبديل والتغيير إنْ أُريد نقلها إلى بيئة أخرى وزينوا للناس هذه الشبه بإخضاع مذاهبهم للتغيير بين آونة وأخرى ومن بيئة لبيئة وجعلوا الشريعة مماثلة لذلك خاضعة للحكم نفسه.