للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

روى البخاري بسنده عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "بُعثت بجوامع الكلم ... " الحديث (١) وجوامع الكلم أن: "يتكلم بالقول الموجز القليل اللفظ الكثير المعاني" (٢) وهو يشمل القرآن والسنة كما أشار إلى ذلك الحافظ ابن حجر (٣)، وقد سبق أنّ الرسول - عليه الصلاة والسلام - هو أفصح الخلق على الإِطلاق وهذا يقتضي أنْ يكون كلامه من الجوامع، فإذا لم تفد هذه الجوامع العلم فأي كلام يفيده!

وننتقل إلى المطلب الثاني لنثبت بالاستقراء أن الأحكام الشرعية لا بد من التصديق بها ونسبتها إلى الشريعة مع العمل بها، فاجتمع لها وجوب العلم بها والعمل بمقتضى ذلك العلم، والطريق لإثبات العلم والعمل واحد في هذه الشريعة، وهو هذه الأدلة من الكتاب والسنة وإليك إجراء الاستقراء وهو الدليل الثاني.


(١) فتح الباري بشرح صحيح البخاري ١٣/ ٢٤٧، ١٢/ ٤٠١.
(٢) المرجع السابق ١٣/ ١٤٧.
(٣) المرجع السابق ١٣/ ٢٤٧ - ٢٤٨، وقد ذكر أمثلة لذلك من الكتاب والسنة تبين المقصود وأجاب عن قول من قصر الجوامع على القرآن معتمدًا على لفظ الحديث "بُعثت" وإنّما بُعث الرسول بالقرآن، أجاب -رَحِمَهُ اللهُ- بأن ذلك ليس بلازم وليس في كلام الإِمام البخاري ما يدل على ذلك إذْ أنه ذكر حديث: "بُعثت بجوامع الكلم" ثم ذكر حديث أبي هريرة في الموضع نفسه: "ما من الأنبياء إلا أعطي من الأيات ما مثله -أو من- أو آمن - عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيته وحيًا أوحاه الله إليّ .. " الحديث ١٣/ ٢٤٧، وهذا فيه أن القرآن من جوامع الكلم وليس فيه أن السنة ليست من الجوامع. والراجح ما قاله الحافظ ابن حجر ذلك أن الرسول بُعث بالوحي وهو يشمل الكتاب والسنة، وأرسله الله بهذه الشريعة وهي تشملهما.

<<  <   >  >>