٩ - تولي المؤمنين بعضهم بعضًا: وهو أمر عملي يتمثل في تطبيقات كثيرة، ولا يتحقق إلّا أن يعلم المسلمون ويعتقدوا أن الله صبحانه جعل ذلك من الدين الذي يقبله ويرضى عنه ويثيب عليه، وأن الرسول - عليه الصلاة والسلام - صدق في تبليغه وتطبيقه، وأن الولاء إنما هو لأهل الإِسلام وليس بين المؤمن والكافرين ولاء ولا محبة.
١٠ - إقامة حقوق المرأة من تعليمها دينها وحسن معاشرتها والنفقة عليها على قدر الطاقة، وقوامة الرجل عليها بالمعروف وحقها في الإِرث ...
كيف يقيم الرجل ذلك ما لم يعتقد أن الله هو الذي حكم بذلك من فوق سبع سماوات، تنزّل بذلك القرآن وبلغه الرسول وبينه للناس.
وقل مثل ذلك في جميع الحقوق التي أوجبها الله على المؤمنين بعضهم لبعض مثل حقوق الجار .. وحقوق الطريق .. وحقوق الرجل على المرأة, وحقوق الإِمام على الرعية، وحقوق الرعية على الإِمام وحقوق الأموات على الأحياء.
وقل مثل ذلك في جميع الأحكام سواء التي تخص الاقتصاد أو الجنايات أو السير والجهاد أو السياسية والحكم .. فالشريعة دالة من أولها إلى آخرها على أن الله أوجب العلم والعمل في التكاليف التي جاءت بها.
والاستقراء يفيد اليقين في هذا الباب (١) والطريق لمعرفة العلم والعمل في هذا كله هو اتباع الأدلة النقلية وهي دلالات بينات تفيد الأمرين معًا،
(١) ويؤكد هذا الاستقراء أنك لا تجد في الإِسلام فصلًا بين العلم والعمل لا في نصوص الشريعة ولا في واقع الجيل الأول في خيى القرون فإنه تعلَّم العلم والعمل جميعًا .. فلما نشأت الفرق التي تأثرت بآراء الفلاسفة وساعد على ذلك الاستغراق في الجدل - الذي ما ضل قوم بعد هدى إلّا وقعوا فيه كل ذلك أدى إلى الاشتغال بالفلسفة العقلية التجريدية فقسمت أدلة الشريعة الواحدة إلى ما يوجب العلم والعمل - هذا إذا عملوا بموجبه -! وإلى ما يوجب العمل دون العلم، ثم فصل الأرجاء بين الإِيمان والعمل فوهنت قبضة المسلمين على التمسك بالعمل بهذه الشريعة رويدًا رويدًا حتى صار الأمر في زماننا هذا إلى استبدال القوانين الوضعية بها.