للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على يد النظام استوت مقالة واصل بن عطاء على سوقها بعد أن اشتد عودها على يد أبي الهذيل لتعجب الفلاسفة وتغيظ أهل السنة، فكانت مقالة النظام إن الحجة العقلية قادرة على نسخ الأخبار (١)، وتجاوز النظام بقوله هذا قول صاحبيه من قبل واصل بن عطاء وأبي الهذيل وتمت مقالة المعتزلة على ثلاث مراحل:

الأولى: إطراح جميع الأخبار ما لم يتقرر عدم إمكان التواطؤ.

الثانية: الأخبار ريبة والحجة في المقاييس.

الثالثة: الحجة العقلية قد تنسخ الأخبار (٢).

وننتقل بعد ذلك إلى آخر مقررات المعتزلة لنرى حصاد الفكر الفلسفي المعتزلي، ولنزداد يقينًا بهذا الذي تقرر لنا من خلال تحليل نصوص أئمة المعتزلة.

قال القاضي عبد الجبار المعتزلي، تحت عنوان: "بيان ما يجوز أن يدل عليه الخطاب وسائر الأدلة السمعية" وأجاب عن اعتراض وُجّه إليه حاصله: أن الخطاب يدل كدلالة الخبر فإن لم تسلموا بذلك لزمكم القول بأن ما فى القرآن لا يدل على عقيدتكم .. ولا يجوز لكم الاحتجاج به.

فأجاب بقوله: "ليس بصحيح الاحتجاج بذلك في إثبات التوحيد والعدل وإنما نورده لنبين خروج المخالفين عن التمسك بالقرآن مع زعمهم أنهم أشد


(١) تأويل مختلف الحديث ٤٣.
(٢) وقارن بين قول النظام وقول أبي الهذيل لتدرك أن النتيجة النهائية هي تضعيف الأدلة ووصفها بعدم إفادة العلم، وهذا الباطل قد خدعوا به أناسًا كثيرين حتى انتشر في الكتب وكأنه مسلمة من المسلمات وهو بدعة خبيثة ودسيسة من دسائس المعتزلة، ولو أمكنهم توزيع أشنع من ذلك داخل الأمة لفعلوا، وانظر الفرق بين الفرق لتعلم أن النظام يشك في الأخبار مطلقًا ولا يرى ثبوت شيء عن طريق الخبر ١٢٥، وهي مقالة أبي الهذيل الأخبار ريبة والحجة في المقاييس.

<<  <   >  >>