للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتارة ينفون عنه بعض الصفات ويثبتون له صفات أخرى، وأما أخبار الرسول فهم وإن لم ينكروها كما صنعت الفلاسفة إلّا أنهم أعرضوا عنها وشاركوا الفلاسفة في عدم الانتفاع بها (١) اللهم إلا في الرد على خصومهم (٢). وهذا مما يبين أثر الفلسفة في فكر المعتزلة، والمهم هنا هو بيان الأسباب التي ساعدت على انتشار تلك البدعة، وهذا كاف في الربط العام بين فكر الفلاسفة وبين فكر المعتزلة.

ونبدأ من هنا في معالجة أهم الشبه التي خدع بها الفلاسفةُ المعتزلة ثم خدع بها المعتزلةُ متكلمة الأشاعرة ثم انتشرت بعد ذلك في كتب الأصول بدع كثيرة مبنية على هذه الشبه منها:

١ - تضعيف الأدلة النقلية ووصفها بالظنية بحيث لا يستدل بها إلا على سبيل التأكيد كما يقول القاضي عبد الجبار (٣) أو لا يستدل بها على العقليات كما يقول الأيجي في المواقف (٤).

٢ - أن أخبار الآحاد لا تفيد إلّا الظن (٥).

٣ - تقديم حكم العقل على النص (٦).

٤ - إنكار القياس والإِجماع كما فعل النظام المعتزلي (٧).


(١) درء تعارض العقل والنقل ٥/ ٢٨٥.
(٢) انظر كلام القاضي عبد الجبار ص ١٨٩ - ١٩٠.
(٣) انظر ما سبق ص ١٨٩ - ١٩٠.
(٤) سيأتي كلامه في الصفحة التالية ..
(٥) وقد انتشرت هذه البدعة انتشارًا عجيبًا في كتب الأصول. انظر من كتب المعتزلة كتاب "المعتمد في أصول الفقه" ٢/ ٥٦٦ لمحمد بن علي بن الطيب البصري المعتزلي - تحقيق محمد حميد الله، دمشق ١٣٨٥.
وانظر من كتب الأشاعرة: المحصول - ٥٠٧ - ٥٦٢، والإِحكام في أصول الأحكام للآمدي ٢/ ٣٢ وما بعدها.
(٦) سيأتي لذلك تطبيقات عند أصحابها قديمًا وحديثًا في فصل المصلحة وقضية الثبات والشمول.
(٧) سيأتي بيان ذلك عند دراسة القياس وأثره على الشمول والثبات.

<<  <   >  >>