للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الوضعية باعتبار أن الشريعة تقبلها ولا ترفضها (١)، ومن جانب آخر تنقص من هذه الشريعة ما شاءت ابتداء من أحكام السياسة والاقتصاد .. وانتهاء بأحكام الجهاد والحدود، ولو لم تكن مسالك الفرق الضالة قد انتشرت في الأمة لما استطاعت المذاهب الفكرية المعاصرة وأحكامها أن تدخل العالم الإِسلامي.

وإذا عرفنا خطورة الفريقين وأنهم جميعاً لم ينتفعوا "بالوحي" المنزل من عند الله، أما الذين أقروا بالرسول - عليه الصلاة والسلام - فهم مع إقرارهم وتصديقهم اتخذوا مسلكًا غريباً يحول بينهم وبين الانتفاع بالوحي، وأما المنكرون له فأعرضوا عن التصديق وعن المتابعة (٢).

والمخرج من ذلك كله هو دعوة الفريقين إلى توحيد الإِتباع والطاعة الذي نذكر به في كل موضع مناسب من هذه الرسالة وتربية الأمة عليه، وتحذيرها من هذين الانحرافين، انحراف الفرق الضالة وانحراف المذاهب الفكرية المعاصرة، والبديل لهذا وذاك هو ردها لما جاء به الإِسلام عقيدة وشريعة كما دعا إليها خاتم الرسل - عليهم الصلاة والسلام - وكما تعلمه أصحابه وعملوا به ودعوا إليه.

{وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ} (٣).

* * *


(١) سيأتي في الباب الأخير تصوير هذه الدعوى وكشف زيفها - إن شاء الله.
(٢) هذا فيه مشابهة لكلام شيخ الإِسلام الذي نقلته سابقاً ص ١٩٥ والفرق بين الموضعين انه جعل الفلاسفة في مقابلة الفرق ووصفهم بهذا الوصف، وجعلت هنا بدل الفلاسفة تلامذتهم من أصحاب المذاهب المعاصرة، وفيما ذكرته من وجه الربط بينهما كفاية حتى لا يقول قائل ما وجه الجمع بين هذه الاتجاهات.
(٣) سورة الأحزاب: آية ٤.

<<  <   >  >>