للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣ - قول من زعم أن شحم الخنزير حلال، لأن القرآن حرم اللحم دون الشحم: ولو سأل عن لغة العرب لعلم أن اللحم يطلق على الشحم (١)، فإذا حرم القرآن لحم الخنزير فقد حرم شحمه، بخلاف الشحم فإنه لا يطلق على اللحم (٢).

قال ابن العربي المالكي "وقد شغفت المبتدعة بأن تقول: فما بال شحمه بأي شيء حرم؟ وهم أعاجم لا يعلمون أنه من قال لحماً فقد قال شحماً، ومن قال شحماً فلم يقل لحماً ... " (٣). فالعجمة وهي عدم التمرس بلغة العرب وعدم الرجوع إلى أئمتها هو من الأسباب التي أدت إلى تغيير الأحكام كما هو واضح من هذا المثال.

ثم ذكر الشاطبي أمثلة أخرى متفرقة وعلق على بعضها بقوله: "فقد ظهر بهذه الأمثلة كيف يقع الخطأ في العربية في كلام الله سبحانه وتعالى وسنّة نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - وأن ذلك يؤدي إلى تحريف الكلم عن مواضعه، والصحابة رضوان الله عليهم براء من ذلك، لأنهم عرب لم يحتاجوا في فهم كلام الله تعالى إلى أدوات ولا تعلّم. فكل من اقتدى بهم في تنزيل الكتاب والسنة على العربية - إن أراد أن يكون من أهل الاجتهاد فهو -إن شاء الله- داخل في سوادهم الأعظم، كائن على ما كانوا عليه، فانتظم في سلك الناجية" (٤).

وقد استند الشاطبي على ما حرره الإِمام الشافعي في الرسالة حيث قال: " ... وهكذا لسان العرب عند خاصتها وعامتها لا يذهب منه شيء عليها ولا يطلب عند غيرها. ولا يعلمه إلّا من قَبِلَهُ عنها، ولا يشركها فيه إلا من


(١) تقول العرب رجل لحيم إذا كان سميناً - مجمل اللغة ٨٠٤.
(٢) الاعتصام ٢/ ٣٠٢ - ٣٠٣.
(٣) أحكام القرآن ١/ ٥٤.
(٤) يقصد في سلك الفرقة الناجية وهي التي تكون على ما كان عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه - رضوان الله عليهم -. الاعتصام ٢/ ٣٠٤. ومع هذا الشرط شروط أخرى ستأتي الإِشارة إليها.

<<  <   >  >>