للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا} (١).

ولو أن أصحاب هذه المقالة يؤمنون بأن الله سبحانه وتعالى هو أعلم بمصالحهم وأحوالهم وحاجياتهم، وهو الحكيم الذي تنزه عن الظلم، وهو الذي كتب على نفسه الرحمة فأرسل رسله وأنزل كتبه وآخرها القرآن فجعله حجة على الخلق إلى يوم القيامة -ومعه السنة- وأنه سبحانه له الأمر كما أن له الخلق، ولا أمرَ بأمرٍ ولا نهى عن شيء وإلا فيه مصلحة للناس إلى يوم القيامة .. لو كان هؤلاء يؤمنون بهذا لما أوقعهم الشيطان في هذا التمرد على ربهم وخالقهم، وفي بعض هذا البيان كفاية لكشف السبب الذي حمل هؤلاء الذين يتكلمون باسم الإِسلام عن الإِسلام حتى حجروا عليه من أن يتدخل في أهم مركز وأعظم موقع ألا وهو "الدولة" وحكموا على أكثر شرائعه بالِإبطال والتغيير والتبديل (٢) .. وأطاعوا الذين كفروا في أكثر الأمر.

ولما كان أمثال هؤلاء الكتاب في مأمن من أن تكشف أسرارهم ويطلع البحث العلمي عليها .. حتى أنهم لما أمنوا لم يزدادوا إلا إصرارًا على مسالكهم هذه .. وأصبح البحث العلمي يتعامل معهم -في كثير من كتاباته- بنوع من التبجيل تارة وبالتأنيب اليسير تارة .. وأحيانًا بالتشديد عليهم بأنهم اتبعوا اهواءهم وأنصتوا لتأثيرات الغزو الفكري الأوروبي .. ولكن هذا الأخير -مع أهميته- قليل فاعله، ولا بد لأهل الحق أن يتواصوا بكشف انحرافهم تحت ضوابط البحث العلمي الذي يلتزم باتباع الدليل والبينة الظاهرة حتى يحال بين شبههم وعوام الناس، فما هلك من هلك إلا بسببهم ولذلك بذلت ما أستطيعه


(١) سورة الكهف: آية ٥.
(٢) وهنا شبهة لا بد من إزالتها، ذلك قولهم أن من الخلفاء من فسد ولم يصلح فنقول لهم كما قال الشيخ مصطفى صبري: "إن السبيل إلى علاج هذا الفساد هو تبديل المصلحين بالمفسدين لا تبديل الشريعة والدين" ١٧ - النكير على منكري النعمة من الدين والخلافة والأمة.

<<  <   >  >>