للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الجزئيات - التي تُنْتِجُ معنى عاماً في الشريعة - وهو العموم المعنوي على كل مسألة تعن يمكن أن تدخل تحت ذلك العموم، ولا يحتاج إلى نص خاص أو قياس، وهذان العمومان - كما سبق - من القوة والحجية بمكان بحيث يسندان خصائص الإِعجاز التشريعي التي سبق ذكرها وهي الكمال والشمول والثبات، ويتصل بهذا الموضع الذي نحن فيه مسألة أصولية تتعلق بالعمومات وهي العمل بها قبل العلم بالمخصص وقد ذكر الدكتور الحكمي هذه المسألة في رسالته "تخصيص العام" وتوصل إلى نتيجة -مرضية- بعد أن ذكر مذهبين للأصوليين الأول يوجب البحث عن المخصص، والثاني يوجب العمل بالعام إلى أن يظهر المخصص ثم قال: "ويظهر لي أيضاً أنه بالرغم من اشتهار الخلاف في هذه المسألة وتدوينها في كتب الأصول إلا أن وجوب التروي في الحكم والفتيا والبحث عن الأدلة المُحْتَملْ وجودها والنظر فيها .. والموازنة بينها قبل العمل أوإصدار الحكم والفتيا قدر متفق عليه بين الجميع" (١) بقي أن ننتقل إلى الخطوة الثانية وهي إلى متى يبحث عن المخصص وما هو القدر الواجب للتروي، والجواب يعرف بما ورد من المذاهب في هذه المسألة وهي في جملتها تدل على أن هذا الوقت قدره يسير لا يعدوا قدر الوقت الذي يبحث فيه الرجل عن متاع بيته بين أمتعة كثيرة وهذا مذهب الجمهور (٢)، والمذهب الثاني: أن يطلع على أقوال من سبقه إذا كانت المسألة اجتهادية فالعادة أن يظهر له المخصص إن كان فيها مخصص فإن لم يظهر علم بعد ذلك أنه لا وجود له، إذ لو كان موجوداً لظهر ولم يخف على المتنازعين في تلك المسألة (٣) وقد رجح الغزالي الأول وذكره الدكتور الحكمي وهذان القولان قريبان (٤) من بعضهما وأضيف مذهب الشاطبي


(١) ٨٣ وانظر عرض المذهبين وأدلتهما من ٧٧ إلى ٨٣.
(٢) المرجع السابق ٨٤.
(٣) المرجع السابق ٨٤.
(٤) باعتبار أن الطريقة التي اتبعها أصحاب المذهب الثاني ومنهم القاضي الباقلاني ممكنة ولا يترتب عليها ضرر، لأن الوقت المتعين حينئذ هو جمع أطراف النزاع وأدلة المسألة وهذا قدر ضروري لا بد منه حتى ينظر المجتهد في المسألة وأدلتها وأقوال السلف فيها، =

<<  <   >  >>