للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العمل بها - فنسلك سبيل أولئك الذين وقعوا في ضلالات العقل البشري الذي لا يخضع لحكم الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - بل يردهما، أو يقدم عليهما مع الانتساب إليهما، ولذلك جعلت موضوع "الشمول" رديفاً لموضوع "الثبات" ليكون له سنداً وضابطًا، أما كونه سندًا فلأنه لا شمول بغير ثبات كما تبين لنا فيما سبق (١)، وأما كونه ضابطاً فلأن منهج الاستنباط إن لم ينضبط بمقاصد الشريعة - ويراعي نصوصها - وينعزل عن تصرفات العقول المحضة انحرف لا محالة، وتأكيداً على مراعاة الضوابط جعلت للحديث عن قاعدة تغير الأحكام بتغير الزمان مبحثاً خاصة نختم به الحديث عن المصلحة من حيث صلتها بالثبات والشمول ..

وإليك الآن الحديث عن أنواع المصالح الشرعية وبيان تحقق الشمول فيها وهي أنواع:

النوع الأول - مصلحة شهد الشرع لنوعها:

فإذا وجد أصل شرعي يشهد لجنس مصلحة ما فإنها حينئذ مصلحة شرعية، مثاله: تضمين السارق قيمة المسروق، وهذه المسألة لا تعلم عن طريق النص مباشرة ولا عن طريق القياس، لأنه ليس فيها نص معين، ولا يمكن قياسها على نص معين عن طريق علة القياس، فكيف يشملها الحكم إذاً؟

والجواب هو أن الشمول هنا يتحقق بتوفر أصل شرعي يشهد لنوع المصلحة، وذلك أن الشرع قد شهد لنوع المسألة السابقة، وهو مسألة تضمين الغاصب ما اغتصبه إذا تلف عنده لتعديه، والسارق قد تعدى على مال غيره، لسرقته وهي نوع من الغصب (٢).

فكما حكم الشرع على الغاصب لتعديه فكذلك الحكم على السارق في تضمينه قيمة المسروق.


(١) انظر ما سبق ص ٣١٠.
(٢) انظر المغني تجده جمع في كتاب الغصب بين الآيات التي تنهي عن أكل أموال الناس بالباطل وبين آية السرقة في وجوب الضمان ٥/ ١٧٧، ونيل الأوطار للشوكاني ٥/ ٣٥٥ - الطبعة الأخيرة.

<<  <   >  >>