للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحكم، وإنما يقال تغيّر في طبيعة الحادثة، لتصبح حادثة جديدة، فالمجموع حادثتان مختلفتان فيكون لهما حكمان مختلفان.

ولم يبق سوى هاتين الصورتين:

• إما أن تكون الحادثة هي هي مع اختلاف الأزمان فلا يمكن تغيّر حكمها إلّا بالقول بالنسخ ولا سبيل إلى ذلك.

• وإما أن تكون الحادثة في الزمن الجديد غير الحادثة في الزمن القديم واختلاف حكمهما حينئذ لايقال له نسخ ولا تغيير، وهنا يتضح ما قلته أن مقابلة النسخ بالتغيير لا ينبني عليه فقه، والقول بأن النسخ قد انقطع والتغيير لم ينقطع لأن هناك فروقًا بينهما ليس صحيحاً.

ومن هنا يتبين موضع النزاع وهو الصورة الأولى والتغيير فيها هو النسخ والتبديل المنهي عنهما.

وأما الصورة الثانية فليست في موضع النزاع ولا ينبغي أن تقترب منه.

وبهذا يتضح لنا السبيل ونحن ندرس هذه المسألة الخطيرة في الدين .. ونستطيع أن نعلم السبب في عدم التفات فقهاء السلف إلى أمثال هذه المقالة، التي أسماها بعض الباحثين "قاعدة"، ذلك أنهم من الفقه والبصيرة، بحيث لا يلتفتون إلى القول بالتغيير، لأنه لا يخرج عن أحد أمرين: إما أن يكون نسخاً وتبديلًا وهذا ليس لأحد من البشر، وإما أن لا يكون تغيراً ولا نسخاً ولا تبديلًا، وإنما هو اختلاف وقائع وتحقيق مناط، ومن هنا نبدأ مناقشة هذه المقالة، لنتعرف على صحة القول بتغيّر الأحكام بتغيّر الزمان، وننظر هل هو قاعدة شرعية، وما هو موقف فقهاء الصحابة وفقهاء السلف منها ونقدم لذلك بذكر أسباب التغيير عند هؤلاء الباحثين، ثم بعد ذلك نفصّل القول في تصوير حقيقة هذه المقالة، ونعتمد في ذلك على أهم الكتب التي انتصرت لها، ثم نناقش ذلك ونتبعه بمناقشة بعض الباحثين فيما نسبوه إلى الإِمامين الجليلين ابن القيم والشاطبي.

<<  <   >  >>