للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأول: أن المؤلفة قلوبهم يعطون من بيت المال.

الثاني: وهو ضده أن غير المؤلفة قلوبهم لا يعطون.

فعاد الأمر إلى تحديد من هم المؤلفة؟ .. والمؤلفة: هم أولئك الذين يكون الإِسلام بحاجة إليهم لأنهم زعماء في قومهم فإذا أسلموا أسلم من ورائهم مثل عيينة بن حصن والأقرع بن حابس فقد كانا من زعماء تميم فإذا أسلم أمثال هؤلاء تقوى الإِسلام بمن ورائهم.

ولعله يدخل في هذا المعنى ما أشار إليه المستدل من أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - يعطي الرجل وغيره أحب إليه منه حتى لا يضعف أو يُفتن ويكل الآخرين إلى إيمانهم.

فالأول من معنى التأليف لتقوية الإِسلام .. والثاني من معنى التأليف لمنع الفتنة أو الضعف.

وإذا وقفنا عند القصة المذكورة نجد أن التأليف لتقوية الإِسلام غير متحقق، فالإِسلام حينئذ كثير، وهذا معنى قول عمر - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يتألفكما والإِسلام يومئذ قليل، أما أنتما اليوم فتريدان أن نتألفكما والإِسلام كثير، فأنتما لستما من المؤلفة قلوبهم اليوم وإن كنتم منهم من قبل، وهذا من عمر هو الفقه، وهو ما يسميه الأصوليون "بتحقيق المناط" (١).

فإذا أراد الفقيه أن يطبق النص على حادثة حقق مناطها سواء أكان الفقيه صحابياً أو غير صحابي، فإذا وجد أنها تدخل في حكم النص أعطاها حكمه، وإلّا منعها من الدخول تحته، وهذا ما فعله عمر - رضي الله عنه - ..

فقد حقق في شأن الرجلين، وشأن الإِسلام فعلم أنهما ليسا من المؤلفة قلوبهم، فمنعهم من الدخول تحت الآية ولم يعطهم ..

والنص الوارد في القرآن هو هو لم يُبدل ولم يُغيّر، فمن أعطى المؤلفة قلوبهم كما فعل رسول الله، أو ظنهم مؤلفة كما فعل أبو بكر فقد أعمل الآية ..

ومن منعهم لأنهم غير مؤلفة فقد أعمل الآية، ولا تغيير ولا تبديل.


(١) انظر بيانه فيما سبق ص ٢٣٢.

<<  <   >  >>