للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بقوله: " ... وهو رأي نجم الدين الطوفي الحنبلي وجماعة من العلماء لم يصرحوا به قولاً ولكن فتواهم تؤيد ذلك عملاً" (١).

وأنت ترى أنه لم يصرح بأسمائهم ولا بفتاويهم - مع أنه كثيراً ما مجد بحثه هذا واعتبره تجديداً في علم الأصول ودعى فيه إلى مراجعة ما كتبه الأصوليون بعد أن وصفهم بما يُكْره وستأتي الإِشارة إلى ذلك ..

فأين هذه الجماعة من العلماء الذين وافقوا الطوفي أهي جماعة الصحابة التي ينسب إلى فقهائها معارضة الرسول ومخالفته، والتي ينسب إلى فقهائها تبديل بعض الأحكام بسبب اتباع المصالح!!!

أم أن هذه الجماعة من الأصوليين. وقد زعم الطوفي بأن رأيه الذي قال به لم يسبقه إليه أحد قبله!!

أمّا بعد الطوفي فلم يلق هذا الرأي إلّا النقد والرد وبيان أن صاحبه خرق الإِجماع وتولى غير سبيل المؤمنين، حتى أن بعض الباحثين في هذا العصر فندوه وبينوا أنه رأي ساقط لا عبرة به، وقد أشرت إلى ذلك من قبل (٢).

ثم جاء آخرون فأعجبهم هذا الشذوذ عن الإِجماع وظنوه علماً معتبراً فاتبعوه - وما علموا أن فائدة الإِجماع هو القطع في المسألة فلا تعد تحتاج إلى بحث وخاصة وقد تقرر هذا الإِجماع في قرون متطاولة - فلما تبعوه أخذوا بنتصرون له مزينين له بشبه متكاثرة، بل ذهبوا إلى أكثر مما ذهب إليه الطوفي، فإنه شهد على نفسه بنفسه أنه لم يُسْبق إلى هذا الرأي، ومعنى هذا أنك إذا بحثت لتجد من ينصره قبله فلن تجد أحداً.

ومع ذلك فقد حاول بعض الباحثين نصرته ببعض النقول والتطبيقات التي سبقت الطوفي -كما صنع صاحب رسالة تعليل الأحكام- فإنه قال بتبدل الأحكام في المعاملات وما شابهها لأنها بزعمه تتبع المصلحة، وأن ذلك هو إجماع


(١) ٢٩٣.
(٢) انظر هامش ص ٤١٣ وما بعدها.

<<  <   >  >>