للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يبحثون عن علل تلك الأصول لأجل القياس عليها ما وقع وما لم يقع، وشتان ما بين الأمرين" (١).

وهذا كله منه إنكار على الأصوليين الرد إلى أصل معين، ورغبة منه في تفسير هذا الأمر الذي يتعجب منه (٢) ويعتبره -كما مر معنا قوله من قبل- أمراً مخترعاً لا حرج عليه في رده.

بقي أن نفسر السبب الذي حمله على الاعتماد على كلام الجويني ظناً منه أنه يساعده على مسلكه الفاسد، وعنده ندرك سبب الاضطراب الذي يظهر من مجموع نصوصه.

فنقول إن الإِمام ابن الجويني وهو يعرض منهج الإِمام الشافعي في الاستدلال بالمصالح، نسب إليه أنه يقول: "من سبر أحوال الصحابة - رضي الله عنهم - وهم القدوة والأسوة في النظر لم يكن لواحد منهم في مجالس الاستشوار تمهيد أصل واستثارة معنى، ثم بناء الواقعة عليه، ولكنهم يخوضون في وجوه الرأي من غير إلتفات إلى الأصول، كانت أو لم تكن" (٣).

فأخذ الدكتور شلبي هذا النص وعزاه لإبن الجويني (٤).

وهذا يفسر اضطرابه، وفيما مضى كفاية للرد عليه ولا بأس أن نشير هنا إلى أن ما نسبه ابن الجويني إلى الشافعي يخالف المشهور عنه في كتابة الرسالة فإنه شديد الضبط لعملية الاجتهاد بحيث تكون اعتماداً على نص أو معناه (٥)، فكيف ينسب إليه مثل هذا.


(١) تعليل الأحكام ١٥١.
(٢) تعليل الأحكام ١٥٣.
(٣) البرهان: مسألة رقم ١١٣٤.
(٤) انظر تعليل الأحكام ١٥١.
(٥) الرسالة ٧٠. وانظر نظرية المصلحة ٣٠٧ وما بعدها.

<<  <   >  >>