وقد وردت هذه الآية بعد خطاب الله لنبيه - صلى الله عليه وسلم - أن يحكم بين أهل الكتاب بما أنزل الله أو يعرض عنهم ثم بين سبحانه أنه قد جعل لكل من أمة محمد وأهل الكتاب شرعة ومنهاجاً أي شريعة خاصة وليس ذلك إلا للفروع وذلك لثبوت الاتفاق على التوحيد عند الرسل جميعاً عليهم الصلاة والسلام، فيؤخذ من آية المائدة أن القرآن استعمل لفظ "الشرعة" وأراد بها "الفروع" وهي الأحكام ما سوى "التوحيد".
٣ - الاستعمال الثالث: إطلاق لفظ "الشريعة" على الأصول والفروع. أي على التوحيد وسائر الأحكام، مثال ذلك ما ورد في سورة الجاثية في قوله تعالى خطاباً لنبيه - عليه الصلاة والسلام -:
فالشريعة هنا أطلقت على "الوحي" كتاباً وسنّة، وذلك شامل للتوحيد وسائر الأحكام لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - مأمور باتباع ذلك كله.
ومن خلال هذه الأمثلة القرآنية يمكن القول بأن لفظ الشريعة مشترك لفظي استعمله القرآن الكريم باستعمالات ثلاثة، فأطلقه مرة على "التوحيد" ومرة على "الفروع" ومرة ثالثة عليهما معاً، فتكون دلالة اللفظ في الأصل اللغوي على معنى واحد وهو "مورد الشاربة" والطريق إليها يسمى "الشرع" ثم جعل اسماً للطريق النهج. واستعير ذلك للطريقة الإِلهية من الدين، فالطريقة الإِلهية تسمى شرعاً الأصول منها والفروع، ثم استعمل القرآن لفظ "الشرعة" و"الشرع" و"الشريعة" باستعمالات متعددة، فأصبح ذلك مشتركاً لفظياً مع بقاء دلالته في الأصل على معنى واحد، وعلى هذا فإنّ كل ما جاء به الدين يسمى في اللغة "شرعاً" كان من الأصول أو الفروع، ويجوز في الاصطلاح