الأول: إمكان تجدد الاجتهاد فيه من حيث الرجوع إلى قول واحد وترك القول الثاني. الثاني: إمكان تجدد الاجتهاد فيه من حيث زيادة بعض الصحابة أنفسهم لقول ثالث، وذلك من خلال نظر شرعي مستأنف في أدلة المسألة. الثالث: إن استئناف الاجتهاد من الصحابة أنفسهم والذهاب إلى قول ثالث لا يعتبر شذوذًا. ومن هذه الأوجه يتأكد لنا دخول هذه المسألة في مسائل الاجتهاد لاختلافها عن طبيعة الإِجماع، وإن كانت تشبهه عند أصحاب القول الأول في عدم جواز إحداث قول اجتهادي ثالث، فلنلحقها بمسائل الاجتهاد المختلف فيها، لصدق هذا الوصف عليها، ولنحتفظ لها بمنزلة خاصة بين مسائل الاجتهاد المختلف فيها، تشبه منزلة قول الصحابي، عند أحمد والشافعي. وهذا كله مبني على عدم التيقن من حصر الخلاف في قولين، ومبني أيضًا على عدم إمكان هذا الحصر لا في جيل الصحابة ولا في الأجيال التي تليه، ويترتب عليه عدم القول بتخطئة جماعة المجتهدين، مع فتح باب الاجتهاد كشفًا عن حكم آخر، أو تصحيحًا لقول سابق، واختيار الأقرب إلى نصوص الكتاب والسنّة، والله أعلم.