للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم ذكر من هذه الفروع: "أنهم صنفوا في أصول الفقه وهو علم مشترك بين الفقهاء والمتكلمين فبنوه على أصولهم الفاسدة حتى أن أول مسألة منه وهي الكلام في حد الفقه لما حدّوه: بأنه العلم بأحكام أفعال المكلفين الشرعية، أورد هؤلاء كالقاضي أبي بكر والرازي والآمدي (١) ومن وافقهم من فقهاء الطوائف كأبي الخطاب (٢) وغيره السؤال المشهور هنا وهو أن الفقه من باب الظنون لأنه مبني على الحكم بخبر الواحد والقياس والعموم والظواهر وهي إنّما تفيد الظن فكيف جعلتموه من العلم حيث قلتم: العلم" (٣) أي في التعريف ثم ذكر مذهب الرازي كما نقلته سابقاً، وبهذا نعلم أن السبب هو اعتقادهم أن العلم مخصوص بدراسة "علم الكلام"، أمّا الفقه فأكثره ظنون كما أشار القاضي وغيره أو كله كما قال الرازي.

الفقرة الثانية - الأسباب التي ساعدت على انتشار هذا الرأي:

١ - كثرة التقليد والجهل: إن بعض أتباع المذاهب المشهورة قد ينقل أقوالها ويعتمد على دليل ضعيف من قياس أوظاهر، أو يكتفي كل تابع بنقل المذهب مجرداً عن الدليل إنْ كان حسن الفهم وإلّا نقله على غير وجهه إذا لم يحفظ من المذهب إلّا حروفه، فتطرق الظن والتوهم إلى أذهان كثيرين ممن وقعوا في التقليد ولم يكن ما حصل لهم من الفهم علماً وإنْ كان العالم الذي نقلوا عنه عنده دليل يفيد العلم، ثم قال شيخ الإِسلام منبهاً ومحذراً "وهذا الأصل الذي ذكرته أصل عظيم، فلا يصد المؤمن، العليم عنه صاد، فإنه لكثرة التقليد والجهل والظنون في المنتسبين إلى الفقه والفتوى والقضاء استطال عليهم أولئك


(١) ويبقى بعد هذا ملاحظة الفرق بين قول القاضي والآمدي وأبي الخطاب من جهة وبين ما تفرد به الرازي من جهة أخرى.
(٢) هو محفوظ بن أحمد بن الحسن الكولذاني، نسبة إلى قرية بأسفل بغداد ولد بها سنة ٤٣٢ وتوفي بها سنة ٥١٠، انظر طبقات الحنابلة ٢/ ٢٥٨، وشذرات الذهب ٤/ ٢٧ - ٢٨.
(٣) الاستقامة ١/ ٥٠ - ٥١.

<<  <   >  >>