وما من يرى، فيأتيان بموصولٍ غير أل، والرابع: صوتُ حمارٍ يُجدعُ، فيترك أل، فإذ لم يقولوا ذلك مع تمكنهم منه دل على أنهم مختارون، قال: ومما يُشعرُ بأنهم فعلوه اختيارًا أنهم خصوه بالمضارع لشبهه باسم الفاعل.
قلتُ: ما ذكره أولاً مبني على اختياره في تفسير الضرورة بأنها ما لا يمكن الشاعر العدول عنه، وقد مضى رده، ثم لا نسلم ما ذكر في البيت الثاني لجواز أن يكون المراد به مدح شخص وذم آخر، فلا يستفاد ذلك إلا بذكر التشبيه. وأما ما ذكره ثانيًا فيرده قول سيبويه «وليس شيء مما يضطرون إليه إلا وهم يحاولون به وجهًا»، فلا تنافي بين كون الشيء ضرورة وكونه ذا وجه يسوغه، بل لا تكون الضرورة إلا كذلك بشهادة إمام النحو.
وفي الصحاح: إن الأخفش قال في قوله (اليُجدَّع: يريد الذي يُجَدع كما تقول: هو اليَضْربُك، تريد الذي يضربك. انتهى.
وظاهره أن الأخفش يجيزه في الكلام كما قال الناظم، وفي ذلك رد على مَنْ قال إِنّ الناظم استأثر بهذا المذهب.
واللام في قوله الأول: (الترضي) مدغمة في التاء وجوبًا، والناس قد لهجوا بإظهارها، والذي أوقعهم ذلك أنّ المعلمين إذا أنشدوه أظهروا، ليُسمعوا الطالب لفظة (أل) فتوهموا أن ذلك وجه الانشاد.