(وما حَقُّ الذي يَعتو نَهَارًا ... ويَسْرِقُ ليلَهُ إلا نَكَالا)
وقال آخر:[الطويل].
(وما الدّهرُ إلا منجنونًا بأهْلهِ ... وما صاحبُ الحاجات إلا مُعَذَّبا)
فأما البيت الأول فإنه للفرزدق يمدحُ به بني أميّةَ، يقول: إنّ مُلْكَ العرب كان في الجاهلية لغير قريش وسائر مَضُر، وكانوا أحق به لفضلِهم على جميع البشر، فلما جاء الإسلام رجعَ إليهم الملكُ الذي كانوا أحقّ الناسِ به.
وهذا البيتُ حملَهُ سيبويه على ما ذكرنا من أعمال (ما) مع تقدّم خبرِها، وهو مُشكل؛ لأن الفرزدق تميمي، وبنو تميم لا يعملون (ما) مع تأخُّرِ خبرها، فكيف مع تقدّمه.
وقد أُجيب: بأنّه أرادَ أنْ بتشبه بالحجازيين فلم يَدْرِ ما شرطُ إعمالِها عندهم، وبأنَّهُ أرادَ أنْ يُخَلِّصَ الكلامَ للمدح، لأنَّك إذا قُلْتَ: ما مثلُكَ أحدًا، فنفيت الأحدية، احتمل المدح والذمَّ، فإن نصبتَ المثل ورفعتَ (أحدًا) تعيَّنَ للمدح.