عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ}، وقال الزمخشري: يتجاوزُ الحد في الظلم، وشهدُ له:{لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنفُسِهِمْ وَعَتَوْ عُتُوّاً كَبِيراً} والعطفُ يؤذِنُ بالمُغابرة. وقوله:(إلا نَكالا) وهو محل الاستشهاد، ولا دليلَ فيه لوجهين، أحدُهما: لاحتمالهِ انّ الأصل (بألا نكالان) أي نكالٌ لعُتْوِّه، ونَكالٌ لسرقته، ثم حَذَفَ النونَ للضرورة، فهو حينئذِ مرفوعٌ لا منصوبٌ.
والثاني: أن يكون أصله (إلا ينكل نكالاً) فالنصبُ على المصدريّةِ لا على الخبرية، ونظيرهُ: ما زيدٌ إلا سَبْرًا، أي إلا يَسيرُ، ولكن هذا ضعيف من وجهين، أحدُهما: أن فيه إضمار أن المصدرية وصلتِها، وإبقاء معمولِ الصلةِ، وذلك نظير حَذْفِ الاسم وابقاءِ بعضه، والثاني: أنّ المخبرَ عنه ليس اسم عَيْن كما هو في المثال، فالقياسُ فيهِ أنْ يرفعَ عبى الخبريةِ /١٣٩/ نحو: ما شأنُك إلا سَيْرٌ.
وأما البيتُ الثالثُ، فالمنجنونُ: الدُّولاب، ولا دليل فيه أيضًا، لاحتمالهِ لأنْ يكونَ من باب "ما زيد إلا سَيْرًا" على أنّ الأصل: إلا يَدورُ دورانَ مَنْجَنُونٍ، وألا يُعَذَّبُ مُعَذَّبًا، أيْ تعذيبًا.
كما قال تعالى:{وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ}، أي تمزيق، ثم حُذِفَ الفعلان وما أُضيف إلى منجنون، وأقيمَ المنجنون مقامَهُ.