وكان من خبره أنه قتل زيادة بن زيد الحارثي، فحمله أخوه عبد الرحمن إلى معاوية رضي الله عنه، فأدعى عليه، فقال له معاوية: ما تقول؟ فقال: أأجيبك شعرا أم نثرا؟ فقال: بل شعرا. فقال مرتجلا:(الطويل).
(ألا با لقومي للنوائب والدهر ... وللمرء يردي نفسه وهو لا يدري)
(وللأرض كم من صالح قد تلمات ... عليه فوارته بلماعة قفر)
(فلا ذا جلال هبنة لجلاله ... ولا ذا ضياع هن يتركن للفقر)
إلى أن قال:
(رمينا فرامينا فصادق سهمنا ... منية نفس في كتاب وفي قدر)
(وأنت أمير المؤمنين فما لنا ... وراءك من مغزى ولا عنك من قصر)
(فإن تك في أموالنا لا نضق بها ... ذراعا وإن صبرا فنصبر للصبر)
فقال له معاوية: قد اعترفت. فقال: هو ذاك. فقال أخو المقتول: أقدني منه، فنظر معاوية فإذا للمقتول ولد صغير، فقال يحمل إلى المدينة فيحبس بها إلى أن يبلغ الصبي. فلبث في السجن /١٦٣/ سبع سنين، وكان معه رجل مسجون يقال له أبو نمير فجالسه يوما، وأظهر له التألم، فقال:
(يؤرقني اكتئاب أبي نمير ... فقلبي من كآبته كئيب)
(فقلت له هداك الله مهلا ... وخير القول ذو اللب المصيب)