فأما القراءة فقالوا: أسند (يجزَى) إلى الجار والمجرور وترك المفعول به، ولا دليل لهم فيها لجواز أن يكون الأصل ليجزي الله الغفران قومًا بما كانوا يكسبون، ثم حذف الفاعل للعلم، وأضمر الغفران لتقدّم ذكر ما يدل عليه، وهو قوله سبحانه:{يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ}[الجاثية: ١٤] فارتفع واستتر في الفعل، فإنما النائب المفعول به لا الجار والمجرور، وانابة المفعول الثاني في باب كسى جائزة عند أمن الالتباس، وهذا منه.
وأما البيتان قد يحملان على الضرورة، وأصل الكلام في الأول: لم يعن الله بالعلياء إلّا سيدًا، أي لم يجعل الله أحدًا يعني بها إلّا من له سيادة، فحذف الفاعل وانيب قوله بالعلياء، واستثنى السيد على جهة التفريغ، فترك الأمر العام الذي هو أحد، وقدر السيد مفعولاً، وقد كان في الأصل بدلاً من الاحد، أو منصوبًا على الاستثناء، ويقال: شجى، وأصله في الثاني ما دام عانيًا هو بذكر الله في قلبه أي ما دام يجعل قلبه معتنيًا بذكر الله ثم حذف الفاعل، وهو ضمير المنيب الذي كان مستترا في اسم الفاعل، وأناب عنه الجار والمجرور، وحوَّل صيغة بناء الفاعل إلى صيغة بناء المفعول، والمنيب وقبله: