للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الرجال، ثمّ علموا من القرآن، ثمّ علموا من السنة، وحدثنا عن رفعها؛ قال: "ينام الرَّجل النومة، فتُقْبَضُ الأمانة من قلبه، فيظلُّ أثرها مثل أثر الوكتِ (١)، ثمّ ينام النومة فتُقْبَضُ، فيبقى أثرها مثل المجل (٢)؛ كجمرٍ دحرجته على رجلك، فنفط (٣)، فتراه منتبرًا (٤)، وليس فيه شيءٌ، فيصبح النَّاس يتبايعون، فلا يكاد أحدُهُم يؤدِّي الأمانة، فيقال: إن في بني فلانٍ رجلًا أمينًا، ويقال للرجل: ما أعقَلَهُ! وما أظرفَهُ! وما أجلَدَه! وما في قلبه مثقالُ حبَّة خردلٍ من إيمان، ولقد أتى عليَّ زمانٌ وما أبالي أيَّكُم بايعتُ، لئن كان مسلمًا؛ ردَّه الإسلام، وإن كان نصرانيًّا؛ ردَّه عليَّ ساعيه، فأمّا اليوم؛ فما كنتُ أُبايِعُ إِلَّا فلانًا وفلانًا" (٥).


(١) (الوكت): جمع وكتة، وهي الأثر في الشيء كالنقطة من غير لونه، ومنه قيل للبسر إذا وقعت فيه نقطة من الأرطاب: قد وكت.
انظر: "النهاية في غريب الحديث" (٥/ ٢١٨).
(٢) (المجل): هو ما يكون في الكف من أثر العمل بالأشياء الصلبة الخشنة، كهيئة البثر.
انظر: "النهاية في غريب الحديث" (٤/ ٣٠٠)، و"صحيح البخاريّ"، كتاب الرقاق، باب رفع الأمانة، (١١/ ٣٣٣ - مع الفتح).
(٣) (نفط): بفتح النون وكسر الفاء؛ يقال: نفطت يده؛ أي: قرحت من العمل، والنفطة: بثرة تخرج في اليد من العمل ملأى ماء.
انظر: "لسان العرب" (٧/ ٤١٦ - ٤١٧).
(٤) (منتبرًا): المنتبر كلّ مرتفع، ومنه اشتق المنبر، يقال: انتبر الجرح إذا ورم وامتلأ ماء. انظر: "النهاية في غريب الحديث" (٥/ ٧ - ٨)، و"فتح الباري" (١٣/ ٣٩).
(٥) "صحيح البخاريّ"، كتاب الرقاق، باب رفع الأمانة، (١١/ ٣٣٣ - مع الفتح)، وكتاب الفتن، باب إذا بقي في حثالة من النَّاس، (١٣/ ٣٨ - مع الفتح).

<<  <   >  >>