للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قصره؛ على ما وقع في حديث: "لا تقوم السّاعة حتّى تكون السنة كالشهر"، وعلى لهذاة فالقصر يحتمل أن يكون حسيًّا ويحتمل أن يكون معنويًّا:

أمّا الحسي؛ فلم يظهر بعدُ، ولعلّه من الأمور الّتي تكون قُرب قيام السّاعة

وأمّا المعنوي؛ فله مدة منذ ظهر؛ يعرف ذلك أهل العلم الديني ومَن له فطنة من أهل السبب الدُّنيوي؛ فإنهم يجدون أنفسهم لا يقدر أحدهم أن يبلغ من العمل قدر ما كانوا يعملونه قبل ذلك، ويشكون ذلك، ولا يدرون العلَّة فيه، ولعلّ ذلك بسبب ما وقع من ضعف الإِيمان؛ لظهور الأمور المخالفة للشرع من عدة أوجه، وأشدّ ذلك الأقوات، ففيها من الحرام المحض ومن الشُّبه ما لا يخفى، حتّى إن كثيرًا من النَّاس لا يتوقَّف في شيء، ومهما قدر على تحصيل شيء؛ هجم عليه ولا يبالي.

والواقع أن البركة في الزّمان وفي الرزق وفي النبت إنّما تكون من طريق قوة الإِيمان، واتِّباع الأمر، واجتناب النّهي، والشّاهد لدل لك قوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ} [الأعراف: ٩٦] (١).


= قال فيه ابن كثير: "الإِمام، العالم، الناسك ... كان قوالًا بالحق، أمارًا بالمعروف، ونهاء عن المنكر" اهـ.
توفي بمصر سنة (٦٩٥ هـ) رحمه الله.
أنظر ترجمته في: "البداية والنهاية" (١٣/ ٣٤٦)، و "الأعلام" (٤/ ٨٩).
(١) "فتح الباري" (١٣/ ١٧).

<<  <   >  >>