للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إذ يقول: "لا يذهَبُ اللّيلُ والنهار حتّى تُعْبَدَ اللاتُ والعُزَّى". فقالت عائشة: يا رسول الله! إن كنتُ لأظنُّ حين أنزلَ الله {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} (١) أن ذلك تامًّا، قال: "إنّه سيكون من ذلك ما شاء الله، ثمّ يبعث الله ريحًا طيِّبة، فتُوفي كلَّ مَنْ في قلبه مثقال حبة خردلٍ من إيمانٍ، فيبقى مَنْ لا خير فيه، فيرجعون إلى دين آبائهم" (٢).

ومظاهر الشركِ كثيرةٌ، فليست محصورةً في عبادة الأحجار والأشجار والقبور، بل تتعدَّى ذلك إلى اتِّخاذ الطواغيت أندادًا مع الله تعالى، يَشْرَعون للناس من عند أنفسهم، ويلزمون النَّاس بالتحاكم إلى شريعتهم، وترك شريعة الله، فينصبون أنفسهم آلهة مع الله تعالى وتقدَّسَ؛ كما قال تعالى: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ} [التوبة: ٣١]؛ أي: جعلوا علماءهم وعبادهم آلهة يشرعون لهم؛ فإنهم اتَّبعوهم فيما حلَّلوا وحرَّموا (٣).

وإذا كان لهذا في التَّحليل والتَّحريم؛ فكيف بمن نبذوا الإِسلام وراءهم ظِهْريًّا، واعتنقوا المذاهب الإِلحادية؛ من علمانية، وشيوعية، واشتراكية، وقوميَّة، ثمّ يزعمون أنّهم مسلمون.

* * * * *


(١) الصف:٩.
(٢) "صحيح مسلم بشرح النووي"، كتاب الفتن وأشراط السّاعة، (١٨/ ٣٣ - مع شرح النووي).
(٣) انظر: "تفسير ابن كثير" (٤/ ٧٧).

<<  <   >  >>