للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تَحليق الشعر ليس بحرام" (١).

قلتُ: قد نهى النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - عن صبغ شعر الرّأس واللحية بالسواد، ففي "الصّحيح" عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه؛ قال: أُتَيَ بأبىِ قُحافة يوم فتح مكّة ورأسه ولحيته كالثغامة (٢) بياضًا، فقال رسول الله - صلّى الله عليه وسلم -: "غيِّروا هذا بشيءٍ، واجتنبوا السواد" (٣).


(١) " الموضوعات" (٣/ ٥٥) لابن الجوزي.
قال ابن الجوزي: "اعلم أنّه قد خضب جماعة من الصحالة والتابعين؛ منهم: الحسن، والحسين، وسعد بن أبي وقّاص، وخلق كثير من التابعين، وإنّما كرهه قومٌ لما فيه من التدليس، فأمّا أن يرقى إلى درجة التّحريم إذا لم يدلِّس، فيجب فيه هذا الوعيد؛ فلم يقل به أحد". "الموضوعات" (٣/ ٥٥).
وقال النووي: "يحرم خضابه بالسواد على الأصح، وقيل: يكره كراهية تنزيه، والمختار التّحريم؛ لقوله - صلّى الله عليه وسلم -: واجتنبوا السواد". "شرح مسلم" (١٤/ ٨٠).
وأمّا ما أخرجه ابن أبي عاصم في "كتاب الخضاب" عن الزهريّ؛ قال: "كنا نخضب بالسواد إذا كان الوجه جديدًا، فلما نغض الوجه والأسنان؛ تركناه" "فتح الباري" (١٠/ ٣٥٤ - ٣٥٥).
قال الألباني: "الظّاهر أن الزهريّ لم يكن عنده حديث بالتحريم أصلًا، فكان يأخذ الأمر بذوقه، وعلى كلّ حال؛ فلا حجة في فعل أحد أو قوله بعد رسول الله - صلّى الله عليه وسلم -، والحديث المتقدم حجة على الزهريّ وغيره". "غاية المرام" (ص ٨٤).
(٢) (الثغامة)؛ بضم المثلثة، وتخفيف المعجمة، نبات شديد البياض، زهره وثمره، وقيل: هي شجرة تبيض كأنّها الثلج.
انظر: "النهاية في غريب الحديث" (١/ ٢١٤)، و "فتح الباري" (١٠/ ٣٥٥).
(٣) "صحيح مسلم"، كتاب اللباس والزينة، باب استحباب خضاب الثيب بصفرة أو حمرة وتحريمه بالسواد، (١٤/ ٧٩ - مع شرح النووي).

<<  <   >  >>