للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النَّاس، وانعقادهم إليه، واتفاقهم عليه، ولم يُرِد نفس العصا، وإنّما ضرب بها مثلًا لطاعتهم له، واستيلائه عليهم؛ إِلَّا أن في ذكرها دليلًا على خشونته عليهم، وعنفه بهم" (١).

قلت: نعم؛ سوقه النَّاس بعصاه كنايةٌ عن طاعة النَّاس له، ورضوخهم لأمره؛ إِلَّا أن ما أشار إليه القرطبي من خشونته عليهم ليس بالنسبة للجميع؛ كما يظهر من كلامه، بل إنّما يقسو على أهل المعصية منهم، فهو رجلٌ صالحٌ، يحكم بالعدل، ويؤيد ذلك ما نقله ابن حجر عن نُعيم بن حماد (٢) أنّه روى من وجه قوي عن عبد الله بن عمرو أنّه ذكر الخلفاء، ثمّ قال: "ورجلٌ من قحطان".

وأيضًا ما أخرجه بسند جيِّد عن ابن عبّاس أنّه قال فيه: "ورجلٌ من قحطان، كلهم صالح" (٣).


(١) "التذكرة" (ص ٦٣٥).
(٢) نعيم بن حماد الخزاعي، من الحفاظ الكبار، روى عنه البخاريّ مقرونًا، وروى له مسلم في المقدِّمة، وأصحاب السنن إِلَّا النسائي، وثقه الإِمام أحمد، ويحيى بن معين، والعجلي، وقال أبو حاتم: "صدوق"، وضعفه النسائي، وقال الذهبي: "أحد الأئمة الأعلام على لين في حديثه"، وقال ابن حجر: "صدوق يخطىء كثيرا"، ونقل الذهبي عن نعيم أنّه قال: "كنت جهميًّا، فلذلك عرفت كلامهم فلما طلبت الحديث علمتُ أن مآلهم إلى التعطيل"، توفي سنة (٢٢٨ هـ) رحمه الله.
انظر: "تذكرة الحفاظ" (٢/ ٤١٨ - ٤٢٠)، و "ميزان الاعتدال" (٤/ ٢٦٧ - ٢٧٠)، و "تهذيب التهذيب" (١٠/ ٤٥٨ - ٤٦٣)، و "تقريب التهذيب" (٢/ ٣٠٥)، و "هدي الساري مقدمة فتح الباري" (ص ٤٤٧)، و "خلاصة تذهيب تهذيب الكمال" (ص ٤٠٣).
(٣) "فتح الباري" (٦/ ٥٣٥).

<<  <   >  >>