للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والذي يظهر من سياق الأحاديث أن كلام الحجر والشجر ونحوه حقيقة، وذلك لأنّ حدوث تكلُّم الجمادات ثابتٌ في غير أحاديث قتال اليهود، وقد سبق أن أفردتُ لهذا مبحثًا خاصًّا به؛ لأنّه من علامات السّاعة.

وإذا كانت الجمادات تتكلَّم في ذلك الوقت؛ فلا داعي لحمل كلام الشجر والحجر على المجاز؛ كما ذهب إلى ذلك بعض العلماء (١)؛ فإنّه ليس هناك دليلِّ يوجِبُ حمل اللّفظ على خلاف حقيقته، ونطق الجماد قد ورد في آياتٍ من القرآن:

منها قوله تعالى: {أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ} [فصلت: ٢١].

وقوله: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ} [الإسراءِ: ٤٤].

وجاء في الحديث عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: خطبنا رسول الله - صلّى الله عليه وسلم -، فكان أكثر خطبته عن الدجَّال، وحذَّرَناه، فذكر خروجه، ثمّ نزول عيسى -عليه السّلام- لقتله، وفيه: "قال عيسى -عليه السّلام-: افتحوا الباب، فيُفْتَحُ، ووراءه الدجَّال، معه سبعون ألف يهوديٍّ؛ كلهم ذو سيف محلًّى وساجٍ (٢)، فإذا نظر إليه الدجَّال، ذاب كما يذوب الملح في الماء،


(١) انظر: "هداية الباري إلى ترتيب صحيح البخاريّ" (١/ ٣١٧)، و"العقائد الإِسلامية" لسيد سابق، (ص ٥٤)، واختار ابن حجر أن نطق الجمادات من شجر وحجر حقيقة.
انظر: "فتح الباري" (٦/ ٦١٠).
(٢) (الساج). حر الطيلسات الضخم الغليظ، وقيل: الطيلسان المقور، وقيل: =

<<  <   >  >>