للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وينطلق هاربًا، ويقول عيسى -عليه السّلام-: إن لي فيك ضربةً لن تسبِقَني بها، فيذكره عند باب اللدِّ الشرقي، فيقتله، فيهزم الله اليهود، فلا يبقى شيءٌ ممَّا خَلَق الله يتوارى به يهوديٌّ إِلَّا أنطق الله ذلك الشيء؛ لا حجر، ولا شجر، ولا حائط، ولا دابَّة؛ إِلَّا الغرقدة؛ فإنها من شجرهم لا تنطق" (١).

فالحديث فيه التصريح بنطق الجمادات.

وأيضًا؛ فإن استثناء شجر الغرقد من الجمادات بكونها لا تخبر عن اليهود؛ لأنّها من شجرهم، يدلُّ على أنّه نطقٌ حقيقيٌّ، ولو كان المراد بنطق الجمادات المجاز؛ لما كان لهذا الاستثناء معنى.

ولو حملنا كلام الجمادات على المجاز؛ لم يكن ذلك بالأمر الخارق في قتال اليهود في آخر الزّمان، وكانت هزيمتهم أمام المسلمين كهزيمة غيرهم من الكفار الذين قاتلهم المسلمون وظهروا عليهم، ولم يردّ في قتالهم مثل ما ورد في قتال اليهود من الدلالة على المختبىء (٢) بنطق الجمادات، فإذا لاحظنا أن الحديث في أمر مستغرب يكون آخر الزّمان هو من علامات السّاعة؛ دلَّ ذلك على أن النُّطق في قتال اليهود حقيقيٌّ، وليس


= الطيلسان الأخضر.
انظر: "لسان العرب" (٢/ ٣٠٢ - ٣٠٣).
(١) "سنن ابن ماجه" (٢/ ١٣٥٩ - ١٣٦٣) (ح٤٠٧٧).
قال ابن حجر: "أخرجه ابن ماجه مطولًا، وأصله عند أبي داود، ونحوه في حديث سمرة عند أحمد بإسناد حسن، وأخرجه أبن منده في كتاب الإِيمان من حديث حذيفة بإسناد صحيح". "فتح الباري" (٦/ ٦١٠).
(٢) انظر: "إتحاف الجماعة" (١/ ٣٣٧ - ٣٣٨)

<<  <   >  >>