للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الله - صلّى الله عليه وسلم -: "في آخر الزّمان يظهر ذو السويقتين على الكعبة - قال: حسبتُ أنّه قال:- فيهدمها" (١).

فإن قيل: إن هذه الأحاديث تُخالف قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا} [العنكبوت: ٦٧]، والله تعالى قد حبس عن مكّة الفيل، ولم يمكِّن أصحابه من تخريب الكعبة، ولم تكن إذ ذاك قبلة، فكيف يسلِّط عليها الحبشة بعد أن صارت قبلة للمسلمين؟!

قيل جوابًا عن ذلك: "إن خراب الكعبة يقع في آخر الزّمان، قرب قيام السّاعة، حين لا يبقى في الأرض أحدٌ يقول: الله، الله، ولهذا جاء في رواية الإِمام أحمد السابقة عن سعيد بن سمعان قوله - صلّى الله عليه وسلم -: "لا يعمر بعده أبدًا"، فهو حرمٌ آمنٌ؛ ما لم يستحلَّه أهله.

وليس في الآية ما يدلُّ على استمرار الأمن المذكور فيها.

وقد حدث القتال في مكّة مراتٍ عديدة، وأعظم ذلك ما وقع من القرامطة (٢) في القرن الرّابع الهجري، حيث قتلوا المسلمين في المطاف،


(١) "مسند الإِمام أحمد" (١٥/ ٢٢٧) (٨٠٨٠)، شرح أحمد شاكر، قال: "إسناده صحيح".
(٢) (القرامطة): طائفة من الباطنية تنتسب لرجل اسمه حمدان قرمط، من أهل الكوفة، ولهذه الطائفة الخبيثة في تاريخها الطويل المخزي أعمال شنيعة، ومن أعظمها ما وقع منهم سنة (٣١٧ هـ)، حيث هاجموا الحجاج يوم التروية، واستباحوا أموالهم ودماءهم، فقتلوا في رحاب مكّة وشعابها وفي المسجد الحرام وفي جوف الكعبة من الحجاج خلقًا كثيرًا، وهدموا قبة زمزم، وقلعوا باب الكعبة، ونزعوا كسوتها، وقلعوا الحجر الأسود، ونقلوه إلى بلادهم، ومكث عندهم اثنتان وعشرون سنة. =

<<  <   >  >>