للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

منه" (١).

فعبارته تدلُّ على أنّه قد سلم من نقده القليل من الأحاديث.

ونقول: لو صحَّ حديثٌ واحد؛ لكفى به حجَّة في شأن المهدي، كيف والأحاديث فيه صحيحة ومتواترة؟!

قال الشّيخ أحمد شاكر ردًّا على ابن خلدون: "إن ابن خلدون لم يحسن قول المحدثين "الجرح مقدَّم على التَّعديل"، ولو اطلع على أقوالهم وفقهها؛ ما قال شيئًا ممّا قال، وقد يكون قرأ وعرف، ولكنه أراد تضعيف أحاديث المهدي بما غلب عليه من الرأي السياسي في عصره" (٢).

ثمَّ بيَّن أن ما كتبه ابن خلدون في هذا الفصل عن المهدي مملوءٌ بالأغاليط الكثيرة في أسماء الرجال ونقل العلل، واعتذر عنه بأن ذلك قد يكون من الناسخين، وإهمال المصحِّحين، والله أعلم.

وإيثارًا للاختصار فسأذكر هنا ما قاله الشّيخ محمَّد رشيد رضا في المهدي، وهو نموذجٌ لغيره ممَّن أنكر أحاديث المهدي:

قال رحمه الله: "أمّا التَّعارض في أحاديث المهدي؛ فهو أقوى وأظهر، والجمع بين الروايات فيه أعسر، والمنكرون لها أكثر، والشبهة فيها أظهر، ولذلك لم يعتدَّ الشيخان بشيء من رواياتها في صحيحيهما، وقد كانت أكبر مثارات الفساد والفتن في الشعوب الإسلامية" (٣).


(١) "مقدمة تاريخ ابن خلدون"، المجلد الأوّل، (ص ٥٧٤).
(٢) من تعليق الشّيخ أحمد شاكر على "مسند الإمام أحمد" (٥/ ١٩٧ - ١٩٨).
(٣) "تفسير المنار" (٩/ ٤٩٩).

<<  <   >  >>