للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إن الحياة في التصوُّر الإِسلامي تمتدُّ طولًا في الزّمان إلى أبد الآباد، وتمتدُّ في المكان إلى دار أخرى في جنَّة عرضها السماوات والأرض، أو نار تتَّسع لكثير من الأجيال الّتي عمَّرت وجه الأرض أحقابًا من السنين (١):

قال تعالى: {سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ رُسُلِهِ (٢١)} [الحديد: ٢١].

وقال تعالى: {يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ (٣٠)} [ق: ٣٠].

إن الإِيمان بالله واليوم الآخر وما فيه من ثواب وعقاب هو الموجِّه الحقيقي لسلوكِ الإِنسانِ سبيلَ الخير، وليس هناك أي قانون من قوانين البشر يستطيع أن يجعل سلوك الإِنسان سويًّا مستقيمًا كما يصنعه الإِيمان باليوم الآخر.

ولهذا؛ فإن هناك فرقًا كبيرًا وبونًا شاسعًا بين سلوك من يؤمن بالله واليوم الآخر، ويعلم أن الدنيا مزرعة الآخرة، وأن الأعمال الصالحة زاد الآخرة؛ كما قال الله تعالى: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ (١٩٧)} [البقرة: ١٩٧]، وكما قال الصحابي الجليل عُمير بن الحمام (٢):


(١) انظر: "اليوم الآخر في ظلال القرآن" (ص ٣ - ٤)، جمع و إعداد أحمد فائز، مطبعة خالد حسن الطرابيشي، الطبعة الأولى، (١٣٩٥هـ).
(٢) عمير بن الحمام بن الجموح بن زيد الأنصاري رضي الله عنه: استشهد يوم بدر، وهو الّذي رمى التّمرات عندما قال النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم -: "قوموا إلى جنة عرضها السماوات والأرض،، وقال: بخ بخ. فقال رسول الله - صلّى الله عليه وسلم -: "ما يحملك على قول: بخ بخ؟ ". قال: لا والله يا رسول الله إِلَّا رجاءة أن أكون من أهلها. قال: "فإنك من أهلها". فقال: لئن أنا =

<<  <   >  >>