للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

غير واحد أيضًا، وليس هو بمجهول؛ كما زعمه الحاكم، بل قد رُوِي عن ابن مَعين أنَّه وثَّقه، ولكن من الرواة مَنْ حدَّث به عنه عن أبان بن أبي عياش عن الحسن البصري مرسلًا، وذكرسولك شيخنا في "التهذيب" (١) عن بعضهم أنّه رأى الشّافعيّ في المنام، وهو يقول: كذب علي يونس بن عبد الأعلى الصدفي ليس لهذا من حديثي. قلت: يونس بن عبد الأعلى الصدفي من الثقات، لا يُطْعَن فيه بمجرَّد منام، ولهذا الحديث فيما يظهر بادئ الرأي مخالف للأحاديث الّتي أوردناها في إثبات مهدي غير عيسى بن مريم، إمّا قبل نزوله -كما هو الأظهر، والله أعلم-، وإما بعده، وعند التأمل لا يتنافيان، بل يكون المراد من ذلك أن المهدي حق المهدي هو عيسى بن مريم، ولا ينفي ذلك أن يكون غيره مهديًّا أيضًا، والله أعلم" (٢).

وقال أبو عبد الله القرطبي: "يحتمل أن قوله عليه الصّلاة والسلام: "ولا مهدي إِلَّا عيسى"؛ أي: لا مهدي كاملًا معصومًا إِلَّا عيسى، وعلى هذا تجتمع الأحاديث ويرتفع التعارض" (٣).

قلت: وعلى فرض احتمال ثبوته؛ فإنّه لا يقوم أمام الأحاديث الكثيرة الثابتة في شأن المهدي، وهي أصحُّ إسنادًا من هذا الحديث الّذي اختلفت أقوال العلماء في ثبوته من عدمه. والله أعلم.


(١) "تهذيب الكمال في أسماء الرجال" (٣/ ١١٩٣ - ١١٩٤) لأبي الحجاج المزي.
(٢) "النهاية/ الفتن والملاحم" (١/ ٣٢) تحقيق د. طه زيني.
(٣) "التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة" (ص ٦١٧).

<<  <   >  >>