للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والأنفس والثمرات، وأنّه يتبعه كنوز كيعاسيب النحل، ويقتل ذلك الشاب ثمَّ يحييه، وهذا كله ليس بمخرقة، بل له حقيقة امتحن الله بها عباده في آخر الزّمان، فيضلُّ به كثيرًا، ويهدي به كثيرًا؛ يكفر المرتابون، ويزداد الذين آمنوا إيمانًا" (١).

وقال الحافظ ابن حجر: "وفي الدَّجَّال مع ذلك دلالة بيِّنة لمن عقل على كذبه؛ لأنّه ذو أجزاء مؤلَّفة، وتأثير الصنعة فيه ظاهر مع ظهور الآفة به من عَور عينيه، فإذا دعا النَّاس إلى أنّه ربهم: فأسوأ حال من يراه من ذوي العقول أن يعلم أنّه لم يكن لِيُسَوِّي خلق غيره ويَعْدِله ويُحْسِنه ولا يدفع النقص عن نفسه، فأقل ما يجب أن يقول: يا من يزعم أنّه خالق السَّماء والأرض! صوِّر نفسك وعدِّلْها وأزل عنها العاهة، فإن زعمتَ أن الرَّبَّ لا يُحدث في نفسه شيئًا؛ فأزل ما هو مكتوب بين عينيك" (٢).

وقال ابن العربي (٣): "الّذي يظهر على يد الدَّجَّال من الآيات؛ من إنزال المطر والخصب على مَنْ يصدقه، والجدب على مَنْ يكذبه، واتباع كنوز الأرض له، وما معه من جنَّة ونار ومياه تجري؛ كلّ ذلك محنة من الله، واختبار؛ ليهلك المرتاب، وينجو المتيقَن، وذلك كله أمر مخوفٌ، ولهذا


(١) "النهاية/ الفتن والملاحم" (١/ ١٢١)، تحقيق د. طه زيني.
(٢) "فتح الباري" (١٣/ ١٠٣).
(٣) هو أبو بكر محمَّد بن عبد الله بن محمَّد المعافري الإشبيلي المالكي، صاحب المصنفات؛ كـ"أحكام القرآن"، وغيرها، توفي بالقرب من فاس بالمغرب، ودُفن بها سنة (٥٤٣ هـ) رحمه الله. انظر: "الأعلام" (٦/ ٢٣٠).

<<  <   >  >>