للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

السّلام، ولم أذكر جميع الأحاديث الوارده في نزوله؛ خشية أن يطول البحث، وقد جاءت هذه الأحاديث في الصحاح والسنن والمسانيد وغيره من دواوين السنة، وهي تدلُّ دلالة صريحة على ثبوت نزول عيسى عليه السّلام في آخر الزّمان، ولا حجَّة لمَن ردَّها، أو قال: إنها أحاديث آحاد لا تقوم بها الحجة، أو: إن نزوله ليس عقيدة من عقائد المسلمين الّتي يجب عليهم أن يؤمنوا بها (١)؛ لأنّه إذا ثبت الحديث، وجب الإِيمان به، وتصديق ما أخبر به الصادق المصدوق - صلّى الله عليه وسلم -، ولا يجوز لنا ردًّ قوله؛ لكونه حديث آحاد؛ لأنَّ هذه حجة واهية، سبق أن عقدتُ فصلًا في أول هذا البحث بيَّنْتُ فيه أن حديث الآحاد إذا صحَّ؛ وجب تصديق ما فيه، وإذا قلنا: إن حديث الآحاد ليس بحجة؛ فإننا نردُّ كثيرًا من أحاديث رسول الله - صلّى الله عليه وسلم -، ويكون ما قاله عليه الصّلاة والسلام عبثًا لا معنى له، كيف والعلّماء قد نصُّوا على تواتر الأحاديث في نزول عيسى -عليه السّلام-؟!

وسأذكر هنا طائفة من أقوالهم:


(١) انظر كتاب "الفتاوى" (ص ٥٩ - ٨٢) للشيخ محمود شلتوت، طبع دار الشروق، ط. ٨، عام ١٣٩٥ هـ، بيروت؛ فإنّه رحمه الله أنكر فيه على مَنْ قال برفع عيسى -عليه السّلام- ببدنه، وأيضًا أنكر نزوله في آخر الزّمان، ورد الأحاديث الواردة في ذلك، وقال: إنّه لا حجة فيها؛ لأنّها أحاديث آحاد!!
ومسألة رفع عيسى وهل هو ببدنه أو بروحه مسألة خلافية بين العلماء، ولكن الحق أنّه رفع ببدنه وروحه؛ كما ذهب إلى ذلك جمهور المفسرين؛ كالطّبريّ، والقرطبي، وابن تيمية، وابن كثير، وغيرهم من العلماء.
انظر: "تفسير الطّبريّ" (٣/ ٢٩١)، و"تفسير القرطبي" (٤/ ١٠٠)، و "مجموع الفتاوى" لابن تيمية (٤/ ٣٢٢ - ٣٢٣)، و"تفسير ابن كثير" (٢/ ٤٠٥).

<<  <   >  >>