للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الإسلام، فدعا عليهم النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم -، فقال: "اللَّهُمَّ أعِنِّي عليهم بسبع كسبع يوسف"، فأخذتهم سنةٌ جتى هلكوا فيها، وأكلوا الميِّتة والعظام، ويرى الرَّجل ما بين السَّماء والأرض كهيئة الدُّخان (١).

وهذا القول رجَّحه ابن جرير الطّبريّ، ثمّ قال: "لأنَّ الله جلَّ ثناؤه توعَّد بالدُّخان مشركي قريش، وأن قوله لنبيه محمَّد - صلّى الله عليه وسلم -: {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ} [الدخان: ١٠]، في سياق خطاب الله كفار قريش وتقريعه إياهم بشركهم؛ بقوله: {لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ. بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ} [الدخان: ٨ - ٩]، ثمّ أتبع ذلك قوله لنبيه عليه الصّلاة والسلام: {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ}؛ أمرًا منه له بالصبر ... إلى أن يأتِيَهم بأسه، وتهديدًا للمشركين، فهو بأن يكون إذ كان وعيدًا لهم قد أحلَّهُ بهم، أشبه من أن يكون أخَّره عنهم لغيرهم" (٢).

الثّاني: أن لهذا الدُّخان من الآيات المنتظرة، الّتي لم تجىء بعد، وسيقع قرب قيام السّاعة.

وإلى هذا القول ذهب ابن عبّاس وبعض الصّحابة والتابعين؛ فقد روى ابن جرير الطّبريّ وابن أبي حاتم عن عبد الله بن أبي مُليكة (٣)؛ قال:


(١) "صحيح البخاريّ"، كتاب التفسير، سورة الروم، (٨/ ٥١١ - مع الفتح)، وباب {يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ} (٨/ ٥٧١ - مع الفتح)، و"صحيح مسلم"، كتاب صفة القيامة والجنة والنار، باب الدخان، (١٧/ ١٤٠ - ١٤١ - مع شرح النووي).
(٢) "تفسير الطّبريّ" (٢٥/ ١١٤).
(٣) هو عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة زهير بن عبد الله بن جدعان التيمي =

<<  <   >  >>