للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"غدوتُ على ابن عبّاس رضي الله عنهما ذات يوم، فقال: ما نمت اللَّيلة حتّى أصبحت. قلتُ: لم؟ قال: قالوا طلع الكوكب ذو الذنب، فخشيت أن يكون الدُّخان قد طرق، فما نمت حتّى أصبحت" (١).

قال ابن كثير: "وهذا إسناد صحيح إلى ابن عبّاس حبر الأمة، وترجمان القرآن، وهكذا قول مَنْ وافقه من الصّحابة والتابعين أجمعين، مع الأحاديث المرفوعة من الصحاح والحسان وغيرها .. بما فيه مقنع ودِلالة ظاهرة على أن الدُّخان من الآيات المنتظرة، مع أنّه ظاهر القرآن؛ قال الله تعالى: {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ}؛ أي: بيِّن واضح يراه كلّ أحد، على أن ما فسر به ابن مسعود رضي الله عنه إنّما هو خيالٌ رأوه في أعينهم من شدة الجوع والجهد.

وهكذا قوله: {يَغْشَى النَّاسَ}؛ أي: يتغشَّاهم ويعمُّهم، ولو كان أمرًا خياليًّا يخصُّ أهل مكّة المشركين؛ لما قيل فيه: {يَغْشَى النَّاسَ} " (٢).

وثبت في الصحيحين أن رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - قال لابن صيَّاد: "إنِّي خبَّأتُ لك خبئًا". قال: هو الدُّخ. فقال له: "اخسأ؛ فلن تعدو قدرك". وخبأ له رسول الله - صلّى الله عليه وسلم -: {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ} (٣).


= المكي، كان قاضيًا ومؤذِّنًا لابن الزبير، وروى عن العبادلة الأربعة، وكان ثقة كثير الحديث، توفي سنة (١١٧ هـ) رحمه الله.
انظر: "تهذيب التهذيب" (٥/ ٣٠٦ - ٣٠٧).
(١) "تفسير الطّبريّ" (٢٥/ ١١٣)، و"تفسير ابن كثير" (٧/ ٢٣٥).
(٢) "تفسير ابن كثير" (٧/ ٢٣٥).
(٣) "صحيح البخاريّ"، كتاب الجنائز، باب إذا أسلم الصبي، (٣/ ٢١٨ - مع =

<<  <   >  >>