للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال القرطبي: "قال العلماء: و إنّما لا ينفع نفسًا إيمانُها عند طلوع الشّمس من مغربها لانه خلص إلى قلوبهم من الفزع ما تخمد معه كلّ شهوة من شهوات النفس، وتفتر كلّ قوة من قوى البدن، فيصير النَّاس كلهم - لإِيقانهم بدُنوِّ القيامة- في حالِ مَنْ حضره الموت؛ في انقطاع الدواعي إلى أنوع المعاصي عنهم، وبطلانها من أبدانهم، فمَن تاب في مثل هذه الحال؛ لم تقبل توبته؛ كما لا تقبل توبة مَنْ حضره الموت" (١).

وقال ابن كثير: "إذا أنشأ الكافر إيمانًا يومئذ لا يقبل منه، فأمّا مَنْ كان مؤمنًا قبل ذلك؛ فإن كان مصلحًا في عمله؛ فهو بخير عظيم، وإن كان مخلطًا فأحدث توبة؛ حينئذ لم تقبل منه توبة" (٢).

وهذا هو الّذي جاء به القرآن الكريم والأحاديث الصحيحة؛ فإن الله تعالى قال: {يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا} [الأنعام: ١٥٨].

وقال - صلّى الله عليه وسلم -: "لا تنقطع الهجرة ما تُقُبِّلت التوبة، ولا تزال التوبة مقبولة حتّى تطلع الشّمس من المغرب، فإذا طلعت؛ طُبِعَ على كلّ قلب بما فيه، وكفي النَّاس العمل" (٣).


(١) "التذكرة" (ص ٧٠٦)، و"تفسير القرطبي" (٧/ ١٤٦).
(٢) "تفسير ابن كثير" (٣/ ٣٧١).
(٣) "مسند الإِمام أحمد" (٣/ ١٣٣ - ١٣٤) (ح ١٦٧١)، تحقيق أحمد شاكر، وقال: "إسناده صحيح".
وقال ابن كثير: "وهذا إسناد جيد- قوي". "النهاية/ الفتن والملاحم" (١/ ١٧٠).
وقال الهيثمي: "رجال أحمد ثقات". "مجمع الزؤائد" (٥/ ٢٥١).

<<  <   >  >>