للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال عليه الصّلاة والسلام: "إن الله عزَّ وجلَّ جعل بالمغرب بابًا عرضه مسيرة سبعين عامًا للتوبة، لا يغلق حتّى تطلع الشّمس من قبله، وذلك قول الله تبارك وتعالى: {يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ ... } الآية (١).

ويرى بعض العلماء (٢) أن الذين لا يُقبل إيمانُهم هم الكِفار الذين عاينوا طلوع الشّمس من مغربها، أمّا إذا امتدَّ الزّمان، ونسي النَّاس ذلك؛ فإنّه يُقْبل إيمان الكفار وتوبة العصاة.

قال القرطبي: "قال - صلّى الله عليه وسلم -: "إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر" (٣)؛ أي: تبلغ روحه رأس حلقه، وذلك وقت المعاينة الّذي يرى فيه مقعده من الجنَّة ومقعده من النّار، فالمشاهد لطلوع الشّمس من مغربها مثله، وعلى


(١) رواه التّرمذيّ في باب ما جاء في فضل التوبة والاستغفار، (٩/ ٥١٧ - ٥١٨ - مع تحفة الأحوذي).
قال التّرمذيّ: "هذا حديث حسن صحيح".
وقال ابن كثير: "صححه النسائي". "تفسير ابن كثير" (٣/ ٣٦٩).
(٢) انظر: "التذكرة" للقرطبي، (ص ٧٠٦)، و"تفسير الألوسي" (٨/ ٦٣).
(٣) "مسند الإِمام أحمد" (٩/ ١٧ - ١٨) (ح ٦١٦٠)، تحقيق أحمد شاكر، وقال: "إسناده صحيح".
ومعنى (يغرغر)؛ بغينين معجمتين، الأولى مفتوحة، والثّانية مكسورة، وبراء مكررة، ومعناه: لم تبلغ روحه حلقومه.
(الغرغرة): أن يجعل المشروب في. الفم، ويردِّده إلى أصل الحلق، ولا يبلع.
انظر: "النهاية في غريب الحديث" (٣/ ٣٦٠)، و"شرح مسند أحمد" (٩/ ١٨) لأحمد شاكر.

<<  <   >  >>