للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذا ينبغي أن تكون توبة كلّ مَنْ شاهد ذلك أو كان كالشّاهد له مردودةً ما عاش؛ لأنّ علمه بالله تعالى وبنبيِّه - صلّى الله عليه وسلم - وبوعده قد صار ضرورة، فإن امتدَّت أيّام الدنيا إلى أن يَنْسى النَّاس من هذا الأمر العظيم ما كان، ولا يتحدَّثون عنه إِلَّا قليلًا، فيصير الخبر عنه خاصًّا، وينقطع التواتر عنه، فمَن أسلم في ذلك الوقت أو تاب؛ قُبِل منه، والله أعلم" (١).

وأيَّد ذلك بما رُوي: "إن الشّمس والقمر يُكْسَيان بعد ذلك الضوء والنور، ثمّ يطلعان على النَّاس ويغربان".

وبما روي عن عبد الله بن عمرو عن النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم -: "يبقى النَّاس بعد طلوع الشّمس من مغربها عشرين ومئة سنة".

وروي عن عمران بن حصين أنّه قال: "إنّما لم تُقْبَل وقت الطلوع حتّى تكون صيحة، فيهلك فيها كثيرٌ من النَّاس، فمَن أسلم أو تاب في ذلك الوقت ثمّ هلك؛ لم تقبل توبتُه، ومَن تاب بعد ذلك؛ قُبِلَت توبته" (٢).

والجواب عن هذا كله: "أن النصوص دلَّت على أن التوبة لا تُقبل بعد طلوع الشّمس من مغربها، وأن الكافر لا يُقبل منه الإسلام، ولم تفرِّق النصوص بين مَنْ شاهد هذه الآية وبين من لم يشاهِدها".

والذي يؤيِّد هذا ما رواه الطّبريّ عن عائشة رضي الله عنها؛ قالت: "إذا خرج أول الآيات؛ طُرِحَت الأقلام، وحُبِسَت الحفظة، وشهِدت الأجسام على الأعمال" (٣).


(١) "تفسير القرطبي" (٧/ ١٤٦ - ١٤٧)، "التذكرة" (ص ٧٠٦).
(٢) "التذكرة" (ص ٧٠٥ - ٧٠٦).
(٣) "تفسير الطّبريّ" (٨/ ١٠٣). =

<<  <   >  >>