للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فلم يشترط الإمام أحمد إِلَّا صحَّة الخبر.

وقال ابن تيمية: "السنة إذا ثبتت؛ فإن المسلمين كلهم متَّفقون على وجوب اتِّباعها" (١).

وقال ابن القيم في ردَّه على من ينكر حجِّية خبر الواحد: "ومن هذا إخبار الصّحابة بعضهم بعضًا؛ فإنهم كانوا يجزمون بما يحدِّث به أحدُهم عن رسول الله - صلّى الله عليه وسلم -، ولم يقل أحدٌ منهم لمَن حدَّثه عن رسول الله - صلّى الله عليه وسلم -: خبرُك خبرُ واحدٍ لا يفيد العلم حتّى يتواتر ...

وكان أحدهم إذا روى لغيره حديثًا عن رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - في الصفات؛ تلقَّاه بالقبول، واعتقد تلك الصِّفَة به على القطع واليقين؛ كما اعتقد رؤية الرب، وتكليمه، ونداءه يوم القيامة لعباده بالصوت الّذي يسمعه البعيد كما يسمعه القريب، ونزوله إلى سماء الدنيا كلّ ليلة، وضحكه، وفرحه، وإمساك السماوات على إصبع من أصابع يده، وإثبات القدم له؛ مَنْ سمع هذه الأحاديث ممَّن حدَّث بها عن رسول الله - صلّى الله عليه وسلم -، أو عن صاحب اعتقد ثبوت مقتضاها بمجرَّد سماعها من العدل الصادق، ولم يَرْتَب فيها.

حتّى إنهم ربَّما تثبتوا في بعض أحاديث الأحكام ... ولم يطلب احد منهم الاستظهار في رواية أحاديث الصفات ألبتة، بل كانوا أعظم مبادرةً إلى قبولها، وتصديقها، والجزم بمقتضاها، وإثبات الصفات بها؛ مِن المخبر لهم بها عن رسول الله - صلّى الله عليه وسلم -، ومَن له أدنى إلمامٌ بالسُّنَّة والتفات إليها؛ يعلم


(١) "مجموع الفتاوى" (١٩/ ٨٥) لشيخ الإسلام ابن تيمية، جمع عبدالرّحمن بن قاسم العاصمي النجدي، تصوير المطبعة الأولى، (١٣٩٨ هـ)، مطابع الدَّار العربيّة، بيروت.

<<  <   >  >>