للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذلك، ولولا وضوح الأمر في ذلك؛ لذكرنا أكثر من مئة موضع.

فهذا الذيَ اعتمده نفاة العلم عن أخبار رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - خرقوا به إجماع الصّحابة المعلوم بالضرورة، وإجماع التابعين، وإجماع أئمة الإسلام، ووافقوا به المعتزلة، والجهمية، والرافضة، والخوارج، الذين انتهكوا هذه الحرمة، وتبعهم بعض الأصوليين والفقهاء.

وإلا؛ فلا يُعْرَف لهم سلفٌ من الأئمة بذلك، بل صرَّح الأئمَّة بخلاف قولهم؛ ممَّن نصّ على أن خبر الواحد يفيد العلم- مالك، والشّافعيّ، وأصحاب أبي حنيفة، وداود بن علي، وأصحابه؛ كأبي محمّد بن حزم" (١).

وأمّا ما عَرَض للمنكرين لحجَيَّة خبر الواحد من شبهة (٢)، وهي أن خبر الآحاد يفيد الظن، ويعنون به الظنَّ الراجح لجواز خطإ الواحد، أو غفلته، أو نسيانه، والظن الراجح يجب العمل به في الأحكام اتِّفاقًا، ولا يجوز الأخذ به عندهم في المسائل الاعتقادية.

ويستدلُّون على ذلك ببعض الآيات الّتي تنهى عن اتِّباع الظنِّ؛ كَقوله تعالى: إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا (٢٨)} [النجم: ٢٨].

فالجواب عن هذه الشبهة أن احتجاجهم بهذه الآية وأمثالها مردودٌ؛


(١) "مختصر الصواعق" (٢/ ٣٦١ - ٣٦٢).
(٢) انظر: رسالة "وجوب الأخذ بحديث الآحاد في العقيدة والرد على شبه المخالفين" (ص ٦ - ٧) للشيخ محمّد ناصر الدين الألباني، طبع دار العلم، بنها، مصر.

<<  <   >  >>