للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الله عليه وسلامه، نبي الرّحمة، ونبي التوبة، ونبي الملحمة، والعاقب، والمقفِّي، والحاشر، الّذي تحشر النَّاس على قدميه، مع قوله فيما ثبت عنه في "الصّحيح" من حديث أنس وسهل بن سعد رضي الله عنهما: "بُعِثْتُ أنا والساعة كهاتين" (١)، وقرن بين إصبعيه السبابة والتي تليها، ومع هذا كله قد أمره الله تعالى أن يَرُدَّ علم وقت السّاعة إليه إذا سُئِلَ عنها، فقال: {قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (١٨٧)} [الأعراف: ١٨٧] " (٢).

ومن زعم أن النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - يعلم متى تقوم السّاعة، فهو جاهلٌ، لأنّ الآيات القرآنية والأحاديث النبويَّه السابقة ترد عليه.

قال ابن القيم: "وقد جاهر بالكذب بعض مَنْ يدَّعي في زماننا العلم، وهو يتشبَّع بما لم يعطَ، أن رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - كان يعلم متى تقوم السّاعة. قيل له: فقد قال في حديث جبريل: "ما المسؤول عنها بأعلم من السائل"! فحرفه عن موضعه، وقال: معناه: أنا وأنت نعلمها.

وهذا من أعظم الجهل، وأقبح التحريف، والنبيُّ - صلّى الله عليه وسلم - أعلم بالله من أن يقول لمن كان يظنُّه أعرابيًّا: أنا وأنت نعلم السّاعة؛ إِلَّا أن يقول هذا الجاهل: إنّه كان يعرف أنّه جبريل، ورسول الله - صلّى الله عليه وسلم - هو الصادق في قوله: "والذي نفسي بيده؛ ما جاءني في سورة إِلَّا عرفته؛ غير هذه الصورة" (٣)،


(١) "صحيح البخاريّ"، كتاب الرقاق، باب قول النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم -: "بُعِثت أنا والساعة كهاتين"، (١١/ ٣٤٧ - مع الفتح).
(٢) "تفسير ابن كثير" (٣/ ٥٢٦).
(٣) "مسند أحمد" (١/ ٣١٤ - ٣١٥) (ح ٣٧٤)، تحقيق أحمد شاكر، وقال: "إسناده صحيح"، ولفظ أحمد: "ما أتاني في صورة إِلَّا عرفته؛ غير هذه الصورة".

<<  <   >  >>