للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي اللّفظ الآخر: "ما شُبِّه عليَّ غير هذه المرة"، وفي اللّفظ الآخر: "ردُّوا عليَّ الأعرابي، فذهبوا فالتمسوا، فلم يجدوا شيئًا".

و إنّما علم النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - أنّه جبريل بعد مدة؛ كما قال عمر: فلبثتُ مليًّا، ثمّ قال النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم -: "يا عمر! أتدري مَنْ السائل؟ " (١)، والمحرِّف يقول: علم وقت السؤال أنّه جبريل، ولم يخبر الصّحابة بذلك إِلَّا بعد مدَّة!

ثمّ قوله في الحديث: "ما المسؤول عنها بأعلم من السائل" يعمُّ كلَّ سائل ومسؤولٍ، فكلُّ سائلٍ ومسؤولٍ عن هذه السّاعة شأنُهُما كذلك" (٢).

وأيضًا؛ لا معنى لذكر أشراطها وإخبار السائل بها ما دام يعلمها، ولا سيما أنّه لم يسأل عن أشراطها.

وأعجب من هذا ما جاء في كلام السيوطيّ في "الحاوي" بعد أن ذكر الجواب عن السؤال عن الحديث المشتهر على ألسنة النَّاس: أن النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم -


(١) "صحيح مسلم"، كتاب الإِيمان، إمارات السّاعة، (١/ ١٥٩ - مع شرح النووي).
قال ابن حجر: "وأمّا ما وقع في رواية النسائي من طريق أبي فروة في آخر الحديث: "وإنه لجبريل، نزل في سورة دِحْيَة الكلبي"، فإن قوله: "نزل في سورة دِحية الكلبي" وَهَم؛ لأنّ دِحية معروف عندهم، وقد قال عمر: "ما يعرفه منا أحد"، وقد أخرجه محمّد بن نصر المروزي في كتاب "الإِيمان" له من الوجه الّذي أخرجه منه النسائي، فقال في آخره: "فإنّه جبريل، جاء يعلِّمكم دينكم، فحسب؛ فهذه الرِّواية هي المحفوظة؛ لموافقتها باقي الروايات في. "فتح الباري" (١/ ١٢٥).
(٢) "المنار المنيف" (ص ٨١ - ٨٢)، تحقيق الشّيخ عبدالفتاح أبو غدة، وانظر تعليق الشّيخ على كلام ابن القيم، وانظر: "مجموع الفتاوى" لابن تيمية (٤/ ٣٤١ - ٣٤٢).

<<  <   >  >>