للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقد كان موت النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - من أعظم المصائب الّتي وقعت على المسلمين، فقد أظلمتِ الدُّنيا في عيون الصّحابة رضي الله عنهم عندما مات عليه الصّلاة والسلام.

قال أنس بن مالك رضي الله عنه: "لما كان اليوم الّذي دخل فيه رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - المدينة؛ أضاء منها كلّ شيء، فلما كان اليوم الّذي مات فيه؛ أظلمَ منها كلّ شيء، وما نفضنا عن رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - الأيدي - وإنا لَفي دَفْنِه - حتّى أنكرنا قلوبَنا" (١).

قال ابن حجر: "يريد أنّهم وجدوها تغيَّرت عمّا عهدوه في حياته من الألفة، والصفاء، والرقة؛ لفقدان مَا كان يمدُّهم به من التعليم والتأديب" (٢).

فبموته - صلّى الله عليه وسلم - انقطع الوحي من السَّماء؛ كما في جواب أم أيمن لأبي بكر وعمر رضي الله عنهم عندما زاراها بعد موت النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم -، فلم"نتهيا إليها؛ بكت، فقالا لها: "ما يُبكيكِ؟ ما عند الله خير لرسوله. فقالت: ما أبكي أن لا أكون أعلم أنَّ ما عند الله خيرٌ لرسوله - صلّى الله عليه وسلم -، ولكني أبكي أن الوحي قد انقطع من السَّماء. فهيَّجَتْهُما على البكاء، فجعلا يبكيان


(١) "جامع التّرمذيّ"، أبواب المناقب، (١٠/ ٨٧ - ٨٨ - مع تحفة الأحوذي)، وقال التّرمذيّ: "هذا حديث صحيح غريب".
وقال شعيب الأرناؤوط: "إسناده صحيح". انظر: "شرح السنة" للبغوي، (١٤/ ٥٠)، تحقيق شعيب الأرناؤوط.
قال ابن حجر: "قال أبو سعيد فيما أخرجه البزار بسند جيد: ما نفضنا أيدينا من دفنه حتّى أنكرنا قلوبنا". "الفتح" (٨/ ١٤٩).
(٢) "فتح الباري" (٨/ ١٤٩).

<<  <   >  >>