للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

معها" (١).

فقد مات عليه الصّلاة والسلام كما يموت النَّاس؛ لأنّ الله تعالى لم يكتب الخلود في هذه الحياة الدُّنيا لأحد من الخلق،. بل هي دار ممرٍّ لا دار مقرٍّ؛ كما قال تعالى: {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ (٣٤) كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ} [الأنبياء: ٣٤ - ٣٥].

إلى غير ذلك من الآيات الّتي تبيِّن أن الموت حقٌ، وأن كلّ نفس ذائقة الموت، حتّى ولو كان سيد الخلق وامام المتَّقين محمَّد - صلّى الله عليه وسلم -.

وكان موته كما قال القرطبي: "أول أمرٍ دَهَمَ الإِسلامَ ... ثمَّ بعده موتُ عمر، فبموت النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - انقطع الوحي، وماتت النبوَّة، وكان أول ظهور الشر بارتداد العرب، وغير ذلك، وكان أول انقطاع الخير، وأول نقصانه. قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه:

فَلَتَحْدُثَنَّ حَوَادِثٌ مِنْ بَعْدِهِ ... تُعْنَى بِهِنَّ جَوانِحٌ وصُدُورُ

وقالت صفيَّة بنت عبد المطَّلب رضي الله عنها:

لَعَمْرُكَ مَا أَبْكِي النَّبِىَّ لِفَقْدِهِ ... ولكِنَ مَا أَخْشَى مِنَ الهَرْجِ (٢) آتِيا" (٣)


(١) "صحيح مسلم"، كتاب فضائل الصّحابة رضي الله عنهم، باب فضائل أم أيمن رضي الله عنها، (١٦/ ٩ - ١٠ - مع شرح النووي).
(٢) (الهَرْج): هو القتل؛ كما سيأتي.
(٣) "التذكرة" للقرطبي، (ص ٦٢٩ - ٦٣٠) بتصرُّف بسيط، وانظر: "الإذاعة" لصديق حسن، (ص ٦٧ - ٦٩).

<<  <   >  >>