للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأرض" (١).

وعن عدي بن حاتم رضي الله عنه؛ قال: بينما أنا عند النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم -، إذ أتاه رجلٌ، فشكا إليه الفاقة، ثمّ أتاه آخر، فشكا إليه قطع السبيل، فقال: "يا عدي! هل رأيت الحيرة؟ ". قلتُ: لم أرها، وقد أُنبئتُ عنها. قال: "فإن طالت بك حياةٌ لَتَرَيَنَّ الظعينة ترتحل من الحيرة حتىَ تطوفَ بالكعبة لا تخاف أحدًا إِلَّا الله". قلتُ فيما بيني وبين نفسي: فأين دُعَّار (٢) طيىء الذين قد سعروا البلاد؟! "ولئن طالت بك حياةٌ لَتُفْتَحَنَ كنوزُ كسرى". قلتُ: كسرى بن هرمز؟! قال: "كسرى بن هرمز. ولئن طالت بك حياة لترينَّ الرَّجل يُخْرِجُ ملءَ كفَّه من ذهب أوفضة؛ يطلب مَنْ يقبله منه؛ فلا يجد أحدًا يقبله منه ... ".

قال عدي: فرأيتُ الظعينة ترتحل من الحيرة حتّى تطوف بالكعبة، لا تخاف إِلَّا الله، وكنتُ فيمن افتتح كنوز كسرى بن هرمز، ولئن طالت بكم حياة لترون ما قال النّبيّ أبو القاسم - صلّى الله عليه وسلم -، يخرج ملء كفه (٣).

فقد تحقَّق كثيرٌ ممَّا أخبرنا به الصادق - صلّى الله عليه وسلم -، فكثُر المال في عهد الصّحابة رضي الله عنهم بسبب ما وقع من الفتوح، واقتسموا أموال الفرس


(١) "صحيح مسلم"، كتاب الفضائل، باب حوض نبيّنا - صلّى الله عليه وسلم - وصفته، (١٥/ ٥٧ - مع شرح النووي).
(٢) (دعار): مفرده داعر: وهو الخبيث المفسد، والمراد بهم هنا قطاع الطريق.
انظر: "النهاية في غريب الحديث" (٢/ ١١٩).
(٣) "صحيح البخاريّ"، كتاب المناقب، باب علامات النبوة في الإسلام، (٦/ ٦١٠ - ٦١١ - مع الفتح)، و"شرح السنة"، كتاب الفتن، باب ما يكون من كثرة المال والفتوح، (١٥/ ٣١ - ٣٣)، تحقيق شعيب الأرناؤوط.

<<  <   >  >>